للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صَلَاةَ الْفَجْرِ وَأَنَا فِي الْمَنْزِلَةِ الَّتِي قَالَ اللَّهُ: قَدْ ضَاقَتْ عَلَيْنَا الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْنَا أَنْفُسُنَا، إِذْ سَمِعْتُ نِدَاءً مِنْ ذِرْوَةِ سَلْعٍ (١) أَنْ أَبْشِرْ يَا كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، فَخَرَرْتُ سَاجِدًا، وَعَرَفْتُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ جَاءَنَا بِالْفَرَجِ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ يَرْكُضُ عَلَى فَرَسٍ يُبَشِّرُنِي، فَكَانَ الصَّوْتُ أَسْرَعَ مِنْ فَرَسِهِ، فَأَعْطَيْتُهُ ثَوْبِي بِشَارَةً، وَلَبِسَتْ ثَوْبَيْنِ آخَرِينَ (٢)

وَكَانَتْ تَوْبَتُنَا نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُلُثَ اللَّيْلِ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَلَا نُبَشِّرُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، فَقَالَ: "إِذًا يَحْطِمُكُمُ النَّاسُ وَيَمْنَعُونَكُمُ النَّوْمَ سَائِرَ اللَّيْلَةِ".

قَالَ: وَكَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ مُحْسِنَةً فِي شَأْنِي تُخْبِرُنِي بِأَمْرِي، فَانْطَلَقْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ، وَحَوْلَهُ الْمُسْلِمُونَ وَهُوَ يَسْتَنِيرُ كَاسْتِنَارِ (٣) الْقَمَرِ، وَكَانَ إِذَا سُرَّ بِالْأَمْرِ اسْتَنَارَ، فَجِئْتُ، فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: "يَا كَعْبُ بْنَ مَالِكٍ، أَبْشِرْ بِخَيْرِ يَوْمٍ أَتَى عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ". قَالَ: فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَمِنْ عِنْدِ اللَّهِ أُمْ مِنْ عِنْدِكَ؟ قَالَ: "بَلْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ" ثُمَّ تَلَا عَلَيْهِمْ: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ} (التوبة: من الآية١١٧) حَتَّى بَلَغَ {هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [التوبة:١٧-١٨] قَالَ: وَفِينَا نَزَلَتِ {اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} (التوبة: من الآية١١٩) قال: فقلت:


(١) أي: من أعلى سلع- وهو جبل بالمدينة-.
(٢) رواية البخاري: "فلما جاءني الذي سمعتُ صوته يبشرني نزعت له ثوبي، فكسوته إياهما ببشراه، والله ما أملك غيرهما يومئذ، واستعرت ثوبين فلبستهما".
(٣) في "المصنف": كاستنارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>