وقال الإمام أبو جعفر الطحاوي في "مشكل الآثار" في تأويل هذا الحديث: فكان ما في هذا الحديث عندنا- والله أعلم- أريد به من تحقق بالزنى حتى صار غالباً عليه، فاستحق بذلك أن يكون منسوباً إليه، فيقال: هو ابنٌ له، كما ينسب المتحققون بالدنيا إليها، فيقال لهم: بنو الدنيا، لعلمهم لها، وتحققهم بها، وتركهم ما سواها، وكما قيل للمتحقق بالحذر: ابن أحذر، وللمتحقق بالكلام: ابن أقوال، وكما قيل للمسافر: ابن سبيل، وكما قيل للمقطوعين عن أموالهم لبعد المسافة بينهم وبينها: أبناء السبيل، وكما قال تعالى في أصناف أهل الزكاة {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ ... } (التوبة: من الآية٦٠) حتى ذكر فيهم ابن السبيل، وكمال بدرُ بن حذار للنابغة: أبلغ زياداً وخير القولِ أصدقُه ... فلو تكيَّس أو كان ابْنَ أحْذارِ أي: لوكان حذراً وذا كيس. وكما يقال: فلان ابن مدينةٍ، للمدينة التي هو متحقق بها، ومنه قول الأخطل: رَبَتْ ورَبَا في حِجْرِها ابنُ مدينةٍ ... يظلُّ على مِسْحاتِهِ يَتركَّلُ فمثل ذلك ابنُ رنية، قيل لمن قد تحقق بالزنى، حتى صار بتحققه به منسوباً إليه، وصار الزنى غالباً عليه: إنه لا يدخل الجنة بهذه المكان التي فيه، ولم يرد به من كان ليس من ذوي الزنى الذي هو مولود من الزنى.