وقوله: "ذمة المسلمين" أي أَمَانهم، وقوله: "فمن أخفر مسلماً" يريد نقض العهد، يقال: خفرت الرجل: إذا أمنته، وأخفرته -بالألف- إذا نقضت عهده. وقوله: "ما بين لابيتها" تثنية لابة: وهي الأرض ذات الحجارة السوداء التي قد ألبستها لكثرتها، والمدينة تقع بين حرتين عظيمتين إحداهما من جهة الشرق، وتسمى حرة واقم، والثانية من جهة الغرب، وفي حرة واقم كانت وقعة الحرة ليزيد بن معاوية على أهل المدينة سنة ٦٣هـ. وقوله: "لا يقبل منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً" قيل في تفسير "العدل": أنه الفرضة، و"الصرف": النافلة، ومعنى الصرف: الربح والزيادة، ومنه صرف الدراهم والدنانير، وقال أبو عبيد في غريب الحديث٣/١٦٧: الصرف: التوبة، والعدل الفدية، قال: وفي القرآ، ما يصدق هذا التفسير قوله تعالى: {وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا} [الأنعام:٧٠] ، وقوله: {وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ} [البقرة:١٢٣] ، فهذا من قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يقبل منه عدل"، وأما الصرف فلا اردي قوله: {فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا} [الفرقان: ١٩] من هذا أو لا؟ وبعض الناس يحمله على هذا. وقوله: "أو آوى محدثاً" قال ابغوي في شرح الشنة ٧/٣١٠: يروى على وجهين: "محدِثاً" بكسر الدال، وهو صاحب الحدث وجانيه، و "محدَثاً" بفتح الدال، وهو الأمر المحدث، والعمل المبتدع الذي لم تجر به سنة، وقيل: أراد: من آوى جانياًً، وحال بينه وبين خصمه أن يقتص منه.