للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= ذلك لا ينفعهم، فوجوده وعدمه سواء، وكأنَّه يقول: اشترطي أو لا تشترطي فذلك لا يفيدهم، قال الخطابي فيما نقله الحافظ في (الفتح) ٥/٢٢٧: وجه هذا الحديث أن الولاء لما كان كلُحمة النسب، والإنسان إذا ولد له ولد ثبت له نسبه ولا ينتقل نسبه عنه ولو نسب إلى غيره، فكذلك إذا أعتق عبداً ثبت له ولاؤه، ولو أراد نقل ولائه عنه، أو أذن في نقله عنه لم ينتقل، فلم يعبأ باشتراطهم الولاء، وقيل: اشترطي، ودعيهم يشترطون ما يشاؤوا ونحو ذلك، لأن ذلك غيرُ قادح في العقد، بل هو بمنزلة اللغو من الكلام، وآخر إعلامهم بذلك، ليكون رده وإبطاله قولاً شهيراً يخطب به على المنبر ظاهراً، إذ هو أبلغ في النكير وأوكد في التعبير. انتهى.
وفي البخاري (٢٥٦٥) من حديث عائشة وفيه: فقال صلى الله عليه وسلم: "اشتريها واعتقيها، ودعيهم يشترطون ما شاؤوا"، فاشترتها عائشة، فأعتقتها، واشترط أهلها الولاء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "الولاء لمن أعتق وإن اشترطوا مئة شرط".
وقوله: "كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل" قال ابن خزيمة: ليس في كتاب الله، أي: ليس في حكم الله جوازه أو وجوبه، لا أن كل من شرط شرطاً لم ينطق به الكتابُ يبطل، لأنه قد يشترط في البيع الكفيل، فلا يبطلُ الشرطُ، ويشترط في الثمن شروطاً من أوصافه أو من نجومه ونحو ذلك فلا يبطل.
وقال ابن بطال: المراد بكتاب الله هنا: حكمه من كتابه، أو سنة رسوله، أو إجماع الأمة، وقال النووي: قال العلماء: الشروط في البيع أقسام، أحدها: يقتضيه إطلاق العقد كشرط تسليمه، الثاني: شرط فيه مصلحة كالرهن، وهما جائزان اتفاقاً، الثالث: اشتراط العتق في العبد، وهو جائز عند الجمهور لحديث عائشة وقصة بريرة، الرابع: ما يزيد على مقتضى العقد، ولا مصلحة فيه للمشتري كاستثناء منفعته فهو باطل.
وقال القرطبي: قوله: "ليس في كتاب الله" أي: ليس مشروعاً في كتاب الله تأصيلاً ولا تفصيلاً، ومعنى هذا: أن من الأحكام ما يؤخذ تفصيله من كتاب الله كالوضوء، ومنها ما يؤخذ تأصيلُه دون تفصيله كالصلاة، ومنها ما أصل أصله كدلالة الكتاب على أصلية السنة والإجماع، وكذلك القياس الصحيح، فكل ما يقتبس من هذه الأصول تفصيلاً، فهو مأخوذ من كتاب الله تأصيلاً. (فتح الباري) ٥/٢٢٢-٢٢٣.
وفي الحديث جواز تصرف المرأة الرشيدة في مالها بغير إذن زوجها، ومراسلتها الأجانب في أمر البيع والشراء كذلك، وجواز شراء السلعة للراغب في شرائها بأكثر من ثمن مثلها، لأن عائشة بذلت ما قرر نسيئة على جهة النقد مع اختلاف القيمة بين النقد والنسيئة.

<<  <  ج: ص:  >  >>