وفي "الفتح" ٣/٤٠٦: وفي هذا الحديث مشروعة الخرص، واختلف القائلون به هل هو واجب أو مستحب، فحكى الصيمري من الشافعية وجهاً بوجه، وقال الجمهور: هو مستحب إلا أن تعلق به حق لمحجور مثلاً، أو كان شركاؤه غير مؤتمنين، فيجب لحفظ مال غيره، واختلف أيضاً هل يختص بالنخل أو يلحق به العنب أو يعم كل ما ينتفع به رطباً وجافاً؟ وبالأول قال شريح القاضي وبعض أهل الظاهر، والثاني قول الجمهور، وإلى الثالث نحا البخاري. وهل يمضي قول الخارص أو يرجع إلى ما آل إليه الحال بعد الجفاف؟ الأول قول مالك وطائفة، والثاني قول الشافعي ومن تبعه، وهل يكفي خارص واحد عارف ثقة أو لا بدّ من اثنين؟ وهما قولان للشافعي، والجمهور على الأول. واختلف هل هو اعتبار أو تضمين؟ وهما قولان للشافعي أظهرما لثاني، وفائدته جواز التصرف في جميع الثمرة ولو أتلف المالك الثمرة بعد الخرص أخذت منه الزكاة بحساب ما خرص. وفي الحديث أشياء من أعلام النبوة كالإخبار عن الريح وما ذكر في تلك القصة، وفيه تدريب الأتباع وتعليمهم، وأخذ الحذر مما يُتوقع الخوف منه، وفضل المدينة والأنصار، ومشروعية المفاضلة بين الفضلاء بالإجمال والتعيين، ومشروعية الهدية والمكافأة عليها.