للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


=أن الرزق المقسوم لا يستطيع من هو في يده منعه ممن قسم له، لأن أولئك منعوا الضيافة، وكان الله قسم للصحابة في مالهم نصيبا، فمنعوهم، فسبب لهم لدق العقرب حتى سيق لهم ما قسم لهم، وفيه الحكمة البالغة، حيث اختص بالعقاب من كان رأسا في المنع، لأن من عادة الناس الائتمار بأمر كبيرهم، فلما كان رأسهم في المنع، اختص بالعقوبة دونهم جزاء وفاقاً.
وقاالإمام ابن القيم في "زاد المعاد" ٤/١٧٧ – ١٧٨: إذا ثبت أن لبعض الكلام خواص ومنافع، فما الظن بكلام رب العالمين، ثم بالفاتحة التي لم ينزل في القران ولا غيره من الكتب مثلها، لتضمنها جميع معاني كتب الله المشتملة على ذكر أصول أسماء الرب تعالى ومجامعها، وهي: الله والرب، والرحمن، وإثبات المعاد، وذكر التوحيدين: توحيد الربوبية، وتوحيد الإلهية، وذكر الإفتقار إلى الرب سبحانه وتعالى في طلب الإعانة وطلب الهداية، وتخصيصه سبحانه بذلك، وذكر أفضل الدعاء على الإطلاق وأنفعه وأفرضه، وما العباد أحوج شيء إليه، وهو الهداية إلى صراطه المستقيم، المتضمن كمال معرفته وتوحيده وعبادته، بفعل ما أمر به، واجتناب ما نهى عنه، والإستقامة عليه إلى الممات، ويتضمن ذكر أصناف الخلائق وانقسامهم إلى منعم عليه بعرفته له، وضال بعدم معرفته له، وهؤلاء أقسام الخليقة مع تضمنها لإثبات القدر، والشرع، والأسماء، والصفات، والمعاد، ولنبوات، وتزكية النفوس، وإصلاح القلوب، وذكر عدل الله وإحسانه، والرد على جميع أهل البدع والباطل، كما ذكرنا ذلك في كتابنا الكبير "مدارج السالكين" في شرحها.
وحقيق بسورة هذا بعض شأنها أن يسشفى بها من الأدواء، ويرقى بها اللديغ، والجملة فما تضمنته الفاتحة من أخلاص العبودية والثناء على الله وتوفيض الأمر كله إليه، والاستعانة به، والتوكل عليه، وسؤاله مجامع النعم كلها، وهي الهداية التي تجلب النعم، وتدفع النقم، من أعظم الأدوية الشافية الكافية. =

<<  <  ج: ص:  >  >>