وقال أبو سليمان: وفي هذا إخبارٌ عن سجود الشمس تحت العرش، فلا يُنكر أن يكونَ ذلك عند محاذاتها العرش في مسيرها، وليس في سجودها تحت العرش ما يعَوِّقُها عن الدأب في سيرها، والتصرف لما سخرت له. وأما قوله عز وجل: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} [الكهف: ٨٥] فهو نهاية مدرك البصر إياها حالة الغروب، ومصيرها تحت العرش للسجود إنما هو بعد الغروب، وليس معنى قوله: {تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} أنها تسقط في تلك العين فتغمرها، وإنما هو خبر عن الغاية التي بلغها ذو القرنين في مسيرها حتى لم يجد وراءها مسلكاً، فوجد الشمس تتدلى عند غروبها فوقَ هذه العين، وكذلك يتراءى غروب الشمس لمن كان في البحر، وهو لا يرى الساحل، كأنها تغيب فى البحر، والله أعلم. وقوله سبحانه وتعالى: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} [الرحمن ٥] ، وقوله عز وجل: {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا} [الأنعام: ٩٦] أي: يجريان بحساب معلوم، وعلى منازل ومقادير لا يجاوزانها، قال الله سبحانه وتعالى: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ} [يس: ٣٩] وقيل: حسبان جمع حساب، وقوله سبحاله وتعالى: {وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} أي: في رأى العين، فمن قرأها: " حامية " بلا همزٍ: أراد الحارة، ومن قرأ: " حمئة " بلا ألفٍ مهموزاً: أراد عينا ذات حمأةٍ، يقال: حمأت البئر إدا نزعت منها الحمأة، وأحمأتها: إدا ألقيت فيها الحمأة. وأغرب الآلوسي في " تفسيره " ٢٣/١٤، فقال: إن للشمس نفساً، كما قيل في الأفلاك، فتنسلخ منها: وتسجد تحت العرش، لكن هذا خوض منه =