للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= أسماء لما صدر عن فعل الهادم والقابض والناشر، يقال: قَدَرْتُ الشيء وقدرت خفيفة وثقيلة بمعنى واحد.
والقضاء في هذا معناه: الخلق، كقوله عزّ وجلّ: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ} ، أي: خلقهن، وإذا كان الأمرُ كذلكَ، فقد بقي عليهم من وراء علم الله فيهم أفعالهم وأكسابهم، ومباشرتهم تلك الأمور، وملابستهم إيّاها عن قصد وتعمُّدٍ وتقديمِ إرادة واختيارٍ، فالحجةُ إنما تلزمهم بها، واللائمة تلحقهم عليها. وجماعُ القولِ في هذا الباب أنهما أمران لا يَنْفَكُّ أحدُهما عن الأخر، لأن أحدَهما بمنزلة الأساسِي، والآخر بمنزلة البناء، فمن رامَ الفَصْلَ بينهما فقد رام هَدْمَ البناء ونقضَه، وإنما كان موضع الحجة لآدم على موسى صلوات الله عليهما أنَّ الله سبحانه إذا كانَ قَد عَلِمَ من آدم أنه يتناولُ الشجرة، ويَأكُلُ منْهَا، فكَيف يمكنه أن يَرُدَّ علمَ الله فيه، وأن يُبطلهُ بعد ذلك؟ وبيانُ هذا في قول الله سبحانهُ: {وإذ قالَ رَبُّكَ للملائِكة إني جاعل في الأرض خليفة} فأخبر قبلَ كون آدم أنه إنّما خلقه للأرض، وأنه لا يتركه في الجنة حتى ينقله عنها إليها، وإنما كان تناوله الشجرة سبباً لوقوعه إلى الأرض التي خُلِقَ لها، وللكون فيها خليفةً، ووالياً على مَنْ فيها، فإنما أدلى آدم عليه السلام بالحُجَّةِ على هذا المعنى، ودفع لائِمَةَ موسى عن نفسه على هذا الوجه، ولذلك قال: أتلومني على أمرٍ قدَّرَهُ الله عليَّ قبل أن يخلقني؟ فإن قيل: فعلى هذا يجب أن يسقط عنهُ اللومُ أصلاً، قيل: اللومُ ساقط من قبل موسى، إذ ليس لأحدٍ أن يُعَيِّرَ أحداً بذنب كان منه، لأن الخَلْقَ كُلْهُم تحت العبودية أكفاء سواء، وقد روي: لا تنظروا إلى ذنوب العباد كأنكم أرباب، وانظروا إليها كأنّكم عبيد، ولكن اللوم لازم لآدم من قِبَل الله سبحانه إذ كان قد أمره ونهاه، فخرج إلى معصيته، وباشر المنهي عنه، ولكه الحجةُ البالغة سبحانه لا شريك له.
وقول موسى - صلى الله عليه وسلم - وإن كان منه في النفوس شبهة، وفي ظاهره متعلق
لاحتجاجه بالسبب الذي قد جعل أمارة لخروجه من الجنة، فقولُ آدم في =

<<  <  ج: ص:  >  >>