للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يُرِدْ بِهِ إِحْيَاءَ الْمَوْتَى، إِنَّمَا أَرَادَ بِهِ فِي اسْتِجَابَةِ الدُّعَاءِ لَهُ، وَذَلِكَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى} [البقرة: ٢٦٠] وَلَمْ يَتَيَقَّنْ أَنَّهُ يُسْتَجَابُ لَهُ فِيهِ، يُرِيدُ: فِي دُعَائِهِ وَسُؤَالِهِ رَبَّهُ عَمَّا سَأَلَ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:» نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ «بِهِ فِي الدُّعَاءِ لَأَنَّا إِذَا دَعَوْنَا رُبَّمَا يُسْتَجَابُ لَنَا، وَرُبَّمَا لَا يُسْتَجَابُ، وَمَحْصُولُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ لَفْظَةُ إِخْبَارٍ مُرَادُهَا التَّعْلِيمُ لِلْمُخَاطَبِ لَهُ» (١) . [٣: ٤]


(١) قلت: نقل البغوي في "شرح السنة" ١/١١٥، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص ٥٠٧-٥٠٨ نحواً من هذا عن الإمام المزني تلميذ الشافعي، ونص كلامه: لم يشكَّ النبي ولا إبراهيم صلوات الله عليهما في أن الله قادر على أن يحيي الموتى، وإنما شكا أن يُجيبهما إلى ما سألاه.
قال البغوي: ومما يؤيد هذا الذي ذكره المزني ما روي عن ابن عباس في قوله عز وجل: {ربِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي} قال: أعلم أنك تجيبني إذا دعوتك، وتعطيني إذا سألتك. قلت: أخرجه الطبري (٥٩٨٦) ، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ٢/٥٠٨ من طريق عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، وهذا سند ضعيف، عبد الله بن صالح سيء الحفظ، وعلي بن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس.
وقال أبو سليمان الخطابي فيما نقله عنه البغوي في "شرح السنة" ١/١١٦-١١٧: ليس في قوله "نحن أحق بالشك من إبراهيم" اعتراف بالشك على نفسه، ولا على إبراهيم، لكن فيه نفي الشَّكَِّ عنهما، يقول: إذا لم أشك أنا ولم أرْتب في قدرة الله عزّ وجلّ على إحياء الموتى، فإبراهيم أولى بأن لا يشكّ ولا يرتاب، وقال ذلك على سبيل التواضع، والهضم من النفس. وفيه الإعلامُ أن المسألة من قبل إبراهيم لم تعرض من جهة شكّ، لكن من قبل زيادة العلم، فإن العيان يُفيد من المعرفة والطمانينة ما لا يُفيد =

<<  <  ج: ص:  >  >>