للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= هذا؟ وقد قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لَا يبقى على رأس مئة سنة من هو اليوم على ظهر الأرض أحد". قلت: رواه البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عمر.
وسئل عن ذلك كثير غيرهما من الأئمة فقالوا {وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون} ، فالخضر إن كان بشراً فقد دخل في هذا العموم لا محالة، ولا يجوز تخصيصه منه إلَاّ بدليل صحيح، والأصل عدمه حتى يثبت ولم يذكر ما فيه دليل على أن التخصييص عن معصوم يجب قبوله.
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فقالى: لو كان الخضر حيَّاً لوجب عليه أن يأتي النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويجاهد بين يديه، ويتعلم منه، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر: "اللهم إن تهلك همذه العصابة لا تعبد في الأرض" (قلت: أخرجه مسلم من حديث ابن عمر) وكانوا ثلاث مئة وثلاثة عشر معروفين بأسمائهم وأسماء آبائهم وقبائلهم، فأين كان الخضر حينئذٍ؟
وقال تعالى: {وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنّه. قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين} .
قال ابنُ عباس: ما بعث، الله نبياً إلَاّ أخذ عليه الميثاق: لئن بعث محمد وهو حيّ ليؤمنن به ولينصرنَّه. ذكره البخاري.
قال في "البداية" ١/٣١٢. فالخضر إن كان نبيَّاً أو ولياً، فقد دخل في هذا الميثاق، فلو كان حيَّاً في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكان أشرفَ أحواله أن يكون بينَ يديه، يؤمِنُ بما أنزله الله عليه، وبنصره أن يَصِلَ أحد من الأعداء إليه، لأنه إن كان وليَّاً فالصديقُ أفضل منه، وإن كان نبيياً، فموسى أفضل منه. وقد روى الإمام أحمد في "مسنده" ٣/٣٨٧ حدثنا شريح بن النعمان، حدثنا هشيم، أنبأنا مجالد، عن الشعبي، عن جابر بن عبد الله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "والذي نفسي بيده لو أنَّ موسى كان حيّاً ما وسعه إلَاّ أن يتبعني". وهذا الذي يقطع به ويعلم من الدين بالضرورة.
وقد دلت هذه الآية الكريمة أن الأنبياء كلهم، لو فرض أنهم أحياء =

<<  <  ج: ص:  >  >>