قال القاضي أبو بكر الباقلاني في "الانتصار": لم يقصد عثمان قصد أبي بكر في جمع نفس القرآن بين لوحين، وإنما قصد جمعهم على القراءات الثابتة المعروفة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وإلغاء ما ليس كذلك، وأخذهم بمصحف لا تقديم فيه ولا تأخير ولا تأويل أُثْبِتَ مع تنزيل خشية دخولِ الفساد والشبهة على من يأتي بعد. انظر "محاسن التأويل" ٣/٢٨٣. قلت: وفي المراد بالصلاة الوسطى أقوال كثيرة عن السلف، والمعتمد منها أنها صلاة العصر، وبه قال ابن مسعود وأبو هريرة، وهو الصحيح من مذهب أبي حنيفة وقول أحمد، والذي صار إليه معظم الشافعية لصحة الحديث فيه، قال الترمذي: هو قول أكثر علماء الصحابة، وقال الماوردي: هو قول جمهور التابعين، وقال ابن عبد البر: هو قول أكثر أهل الأثر، وبه قال من المالكية ابن حبيب، وابن العربي، وابن عطية، والحديث الذي يبين أنها صلاةُ العصر هو حديث علي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يوم الأحزاب: "شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غربت الشمس، ملأ الله قبورهم وبيوتهم ناراً" متفق عليه، وفي لفظ لمسلم: "شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ... "، وقد تقدم عند المؤلف برقم (١٧٣٦) . وحديث ابن مسعود قال: حبس المشركون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صلاة العصر حتى احمرت الشمس أو أصفرت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر، ملأ الله أجوافهم وقبورهم ناراً". أخرجه مسلم (٦٢٨) ، وقد تقدم عند المؤلف برقم (١٧٣٧) .