وقال ابن رشيد: وجه التمسك به أن ما دون الخمس - وهو الذي لا تجب فيه الزكاة - قد عفي عن الحق فيه، فليس بكنز قطعا، والله قد أثنى على فاعل الزكاة، ومن أثني عليه في واجب حق المال لم يلحقه ذم من جهة ما أثنى عليه فيه وهو المال. وقال جمهور الصحابة: الكنز هو المال الذي لم تؤد حقوقه، فقد روى البخاري "١٤٠٤" عن خالد بن أسلم قال: خرجنا مع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، فقال أعرابي: أخبرني عن قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} ، قال ابن عمر رضي الله عنهما: من كنزهما فلم يؤد زكاتهما، فويل له، إنما كان هذا قبل أن تنزل الزكاة، فلما أنزلت جعلها الله طهرا للأموال. وقال ابن عمر: الكنز هو المال الذي لا تؤدى منه الزكاة. رواه مالك في "الموطأ" ١/٢٥٦ وإسناده صحيح، ورواه البيهقي في "سننه" ٤/٨٢ عن ابن عمر موقوفا عليه بلفظ: "كل ما أديت زكاته، وإن كان تحت سبع أرضين، فليس بكنز". وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أديت زكاة مالك، فقد قضيت ما عليك" رواه الترمذي "٦١٨"، وابن ماجه "١٧٨٨"، وسنده حسن كما قال الترمذي، وصححه ابن حبان "٣٢١٦". وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر الزكاة، فقال رجل: هل علي غيرها؟ قال: "لا، إلا أن تتطوع". متفق عليه من حديث طلحة بن عبيد الله. وفي المتفق عليه أن سعد بن أبي وقاص وجع عام حجة الوداع، فعاده رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إني قد بلغ مني الوجع ما ترى، وأنا ذو مال ولا يرثني إلا ابنة لي، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال "لا" قلت: فالشطر يا رسول الله؟ فقال: "لا"، قلت: فالثلث يا رسول الله؟ قال: "الثلث والثلث كثير، إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون =