للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= عثمان: أن أقدم المدينة، فقدمتها، فكثر علي الناس حتى كأنهم لم يروني قبل ذلك، فذكرت ذلك لعثمان، فقال لي: إن شئت تنحيت، فكنت قريبا. فذاك الذي أنزلني هذا المنزل، ولو أمروا علي حبشيا لسمعت وأطعت.
وأخرج ابن سعد في "الطبقات" ٤/٢٣٢ بإسناد صحيح عن عبد الله بن الصامت قال: دخلت مع أبي ذر في رهط من غفار على عثمان من الباب الذي لا يدخل عليه منه، قال وتخوفنا عثمان عليه، فانتهى إليه، فسلم عليه، ثم ما بدأه بشيء إلا أن قال: أحسبتني منهم يا أمير المؤمنين –يريد الخوارج - والله ما أنا منهم ولا أدركهم ... ثم استأذنه إلى الربذة، فقال عثمان: نعم، نأذن لك، ونأمر لك بنعم من نعم الصدقة، فتصيب من رسلها ...
قلت: كان مذهب أبي ذر رضي الله عنه أن الزهد واجب، وأن ما أمسكه الإنسان فاضلا عن حاجته من النقدين، فهو كنز يكوى به في النار، وكان يحتج بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} ، فجعل الكنز ما يفضل عن الحاجة، واحتج بما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم وهو أنه قال: "يا أبا ذر، ما أحب أن لي مثل أحد ذهبا يمضي عليه ثالثة وعندي منه دينار، إلا دينارا أرصده لدين"، وأنه قال: "الأكثرون هم الأقلون يوم القيامة، إلا من قال بالمال هكذا وهكذا"
وجماهير الصحابة والتابعين على خلاف هذا القول، فإنه قد ثبت في "الصحيح" "١٤٠٥"، عن النبي أنه قال: "ليس فيما دون خمسة أواق صدقة"، وقال البخاري في "صحيحه" في كتاب الزكاة: باب ما أدي زكاته فليس بكنز، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس فيما دون خمسة أواق صدقة".
قال ابن بطال وغيره: وجه استدلال البخاري بهذا الحديث للترجمة أن الكنز المنفي هو المتوعد عليه، الموجب لصاحبه النار، لا مطلق الكنز الذي هو أعم من ذلك، وإذا تقرر ذلك، فحديث "لا صدقة فيما دون خمس أواق" مفهومه أن ما زاد على الخمس ففيه الصدقة، ومقتضاه أن كل مال أخرجت =

<<  <  ج: ص:  >  >>