ثمان
كيلو مترات) جاز له القصر، وقد قال الخطابي في " معالم السنن " (٢ / ٤٩) :
" إن ثبت الحديث كانت الثلاثة الفراسخ حدا فيما يقصر إليه الصلاة، إلا أني لا
أعرف أحدا من الفقهاء يقول به ".
وفي هذا الكلام نظر من وجوه:
الأول: أن الحديث ثابت كما تقدم، وحسبك أن مسلما أخرجه ولم يضعفه غيره.
الثاني: أنه لا يضر الحديث ولا يمنع العمل به عدم العلم بمن قال به من
الفقهاء، لأن عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود.
الثالث: أنه قد قال به راويه أنس بن مالك رضي الله عنه وأفتى به يحيى بن يزيد
الهنائي راويه عنه كما تقدم، بل ثبت عن بعض الصحابة القصر في أقل من هذه
المسافة، فروى ابن أبي شيبة (٢ / ١٠٨ / ١) عن محمد بن زيد بن خليدة عن
ابن عمر قال:
" تقصر الصلاة في مسيرة ثلاثة أميال ".
وإسناده صحيح كما بينته في " إرواء الغليل " (رقم ٥٦١) .
ثم روى من طريق أخرى عنه أنه قال:
" إني لأسافر الساعة من النهار وأقصر ".
وإسناده صحيح، وصححه الحافظ في " الفتح " (٢ / ٤٦٧) .
ثم روى عنه (٢ / ١١١ / ١) عنه:
" أنه كان يقيم بمكة، فإذا خرج إلى منى قصر ".
وإسناده صحيح أيضا. ويؤيده أن أهل مكة لما خرجوا مع النبي صلى الله عليه
وسلم إلى منى في حجة الوداع قصروا