رضي الله عنها، فالحكم على الحديث والحالة هذه
بالوقف مخالف لقواعد علم الحديث، هذه القواعد التي يتبجح الغماري بالإحالة
إليها كثيرا دون ما فائدة كما فعل في الحديث الثالث المتقدم. وإنما قلت آنفا
: " لغير العماري "، لأن أولئك الفقهاء قد يمكن أن يلتمس لهم العذر من باب
إحسان الظن بهم، وأما هذا الغماري فقد أغلق هذا الباب بينه وبين مخالفيه،
لكثرة طعنه فيهم بغير حق، كما كنت شرحت ذلك في مقدمة المجلد الثالث المشار
إليه فيما سبق، ولمكابرته في رد النصوص إما بردها وتضعيفها، أو بتأويلها
وإخراجها عن معانيها الظاهرة. وهذا هو المثال بين يديك حديث عائشة يرده بعلة
الوقف، وقد عرفت بطلانها مما بينت آنفا. وهناك شيء ثان وثالث يدل على
مكابرته وجحوده. أما الأمر الثاني، فهو مخالفته لأئمة الحديث الذين أوردوا
الحديث في " مسانيدهم " كالطيالسي (١٥٣٥) وحديثه صريح في الرفع كما يأتي في
الذي بعده، وأحمد (٦ / ٢٣٤ و ٢٤١ و ٢٦٥ و ٢٧٢) وأبي يعلى (٥ / ٤٨ و ٨ /
١٠٧) وغيرهم، ومعلوم أن " المسانيد " وضعها مؤلفوها للأحاديث المرفوعة،
ولا يذكرون فيها شيئا من الموقوفات إلا نادرا. أما الأمر الثالث، فهو تقصده
الإعراض عن ذكر الأحاديث المرفوعة صراحة كحديث الترجمة وما في معناه مما تقدم
تخريجه، لمخالفتها ما ذهب إليه من أن أصل الصلاة التربيع، وهذا مما يؤكد أنه
من أهل الأهواء، لأنهم يذكرون ما لهم، ولا يذكرون ما عليهم بخلاف أهل السنة
فإنهم يذكرون ما لهم وما عليهم ولا يصح أن يقال: أنه لعله لم يطلع على تلك
الأحاديث، ذلك لأن بعضها في " فتح الباري "، وهو من مراجعه يقينا، وقد رآه
فيه معزوا لصحيح ابن خزيمة وابن حبان،