أخيك؛ ولا ترى الجذع في عينيك؟! فها أنت تتابع الذهبي في وهمه , بدل أن تنبه عليه، وأنت لا عذر لك؛ لأنك تشير إلى الحديث برقمه في "السنن "؛ مشعراً بذلك أنك رجعت إلى الحديث فيه مباشرة! ومع ذلك لم تر قول المطلب فيه:" قال الذي يخبرني.. "! فلا عذر لك والحالة هذه! اللهم! إلا إذا كان الواقع خلاف ما أشعرت به القارىء! وكان ذكرك للرقم تزييناً منك للتخريج! كما تفعل أنت وغيرك من المتشبعين الموهمين للقراء بطول الباع في التحقيق! ولا تحقيق سوى التحويش والتقميش!! وحينئذ فلك عذر كالذهبي! ولكن شتان ما بين عذريكما؛ فإن عذره عذر العارفين بالتأليف- وبخاصة إذا كان مثل "السير"- يكون مقبولاً عندهم، وأما عذرك؛ فهو مثل ما يقال:"عذر أقبح من ذنب "!!
والرجل الآخر: البوصيري؛ فإنه قال في " زوائد ابن ماجه "(٢/ ٤٠) تحت حديث أنس المشار إليه آنفاً:
" هذا إسناد حسن، كثير بن زيد مختلف فيه، وله شاهد من حديث المطلب ابن أبي وداعة، رواه أبو داود في (سننه) ".
قلت: ووجه الخطأ ظاهر جداً لمن عرف أن حديث المطلب وحديث أنس حديثٌ واحدٌ، رواهما راوٍ واحد هو كثير بن زيد، وأنه أخطأ حين قال مرة:"عن أنس " فكيف يصح أن يجعل خطؤه شاهداً لصوابه؟! هذا مما لا يعقل!
ومن الغريب حقاً أن يخفى هذا الخطأ على المعلق المشار إليه آنفاً، فينقل عن البوصيري تحسينه لسند ابن ماجه؛ وهو يرى في السطور التي كتبها بيده- فيما أظن- أن سنده وسند أبي داود مدارهما على الراوي الواحد، الذي اضطرب هو فيه! فلو أنه كان يعي ما يكتب، ويعرف الفرق بين الحديث المعلول وغير المعلول؛ لما وقع في هذا الخطأ المجسد المجسم!!