وأما قول البوصيري:".. حديث المطلب بن أبي وداعة "؛ فهو خطأ تقدم التنبيه
عليه في كلام المعلق المذكور، وقد كنت وقعت أنا أيضاً فيه حين ألفت كتابي "أحكام الجنائز وبدعها " منذ نحو خمس وعشرين سنة، ثم نبهني عليه الدكتور الفاضل عبد العليم عبد العظيم جزاه الله خيراً، بناء على ما في "تحفة الأشراف " للحافظ المزي. ثم لما أعدت النظر في السند وفي ترجمة (كثير بن زيد) تبين لي الخطأ، وازددت تبصراً حين رأيت ابن سعد قد أخرج الحديث (٣/٣٩٩) مختصراً من طريق كثير بن زيد عن المطلب بن عبد الله بن حَنْطَب.. وإن كان رواه عن شيخه محمد بن عمر، وهو الواقدي، وهو متروك، فإنه في مثل ما نحن فيه إن كان لا ينفع؛ فإنه لا يضر.
وقد أشار غير واحد إلى ثبوت الحديث في الجملة؛ فقال ابن عبد البر في ترجمة (عثمان بن مظعون) من "الاستيعاب ":
" وأَعْلَمَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قبرَه بحجر، وكان يزوره ".
وكذا قال ابن الأثير في " أسد الغابة ".
ووجدت له شاهداً مختصراً أيضاً من طريق أبي بكر بن محمد بن عمرو بن
حزم قال:
رأيت قبر عثمان بن مظعون وعنده شيء مرتفع. يعني: كأنه علم.
أخرجه ابن سعد (٣/٣٩٧) بسند حسن عنه.
وفيه إشارة إلى أن الحجر الذي وضعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده كان باقياً على قبر ابن مظعون رضي الله عنه إلى القرن الثاني الهجري؛ فإن أبا بكر بن محمد بن حزم هذا مات سنة عشرين ومئة، ويظهر من قوله:" شيء " أن الحجر لم يكن ظاهراً، فلعل ذلك من تراكم الأتربة عليه. والله أعلم.