للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شَيْئا، وَلَكِن مَعْنَاهُ النَّهْي، وَنَصّ ابْن الْأَثِير على إِثْبَات الْيَاء فِي (الصَّحِيحَيْنِ) وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي (غرائب مَالك) بِلَفْظ: (لَا يصل) بِغَيْر: يَاء، على أَن كلمة: لَا، ناهية. وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ، وَقَالَ: أخبرنَا مُحَمَّد بن مَنْصُور، قَالَ: حدّثنا سُفْيَان، قَالَ: حدّثنا أَبُو الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول ا: (لَا يصلين أحدكُم فِي الثَّوْب الْوَاحِد لَيْسَ على عَاتِقه مِنْهُ شَيْء) بِزِيَادَة: نون التوكيد فِي: (لَا يُصَلِّي) ، وَرَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق الثَّوْريّ عَن أبي الزِّنَاد بِلَفْظ: (نهى رَسُول ا) ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد قَالَ: حدّثنا مُسَدّد حدّثنا سُفْيَان عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول ا: (لَا يُصَلِّي أحدكُم فِي الثَّوْب الْوَاحِد لَيْسَ على مَنْكِبه مِنْهُ شَيْء) وَأخرج الطَّحَاوِيّ هَذَا الحَدِيث من أَربع طرق، وَذَلِكَ بعد أَن قَالَ: تَوَاتَرَتْ الْآثَار عَن النَّبِي بِالصَّلَاةِ فِي الثَّوْب الْوَاحِد متوشحاً بِهِ فِي حَال وجود غَيره، ثمَّ قَالَ: فقد يجوز أَن يكن ذَلِك على مَا اتَّسع من الثِّيَاب خَاصَّة لَا على مَا ضَاقَ مِنْهَا، وَيجوز أَن يكون على كل الثِّيَاب مَا ضَاقَ مِنْهُ وَمَا اتَّسع، فَنَظَرْنَا فِي ذَلِك فَإِذا عبد الرَّحْمَن بن عمر الدِّمَشْقِي قد حدّثنا، قَالَ: حدّثنا أَبُو نعيم، قَالَ: حدّثنا فطر بن خَليفَة عَن شُرَحْبِيل بن سعد، قَالَ: (حدّثنا جَابر أَن رَسُول الله كَانَ يَقُول: إِذا اتَّسع الثَّوْب فتعطف بِهِ على عاتقك، وَإِذا ضَاقَ فاتزر بِهِ ثمَّ صل) . فَثَبت بِهَذَا الحَدِيث أَن الاشتمال هُوَ الْمَقْصُود، وَأَنه هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي أَن يفعل فِي الثِّيَاب الَّتِي يُصَلِّي فِيهَا، فَإِذا لم يقدر عَلَيْهِ لضيق الثَّوْب اتزر بِهِ.

واحتجنا أَن نَنْظُر فِي حكم الثَّوْب الْوَاسِع الَّذِي يَسْتَطِيع أَن يتزر بِهِ ويشتمل، هَل يشْتَمل بِهِ أَو يتزر؟ فَكيف يفعل؟ فَإِذا يُونُس قد حدّثنا قَالَ: حدّثنا سُفْيَان عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي، قَالَ: (لَا يُصَلِّي أحدكُم فِي الثَّوْب الْوَاحِد لَيْسَ على عَاتِقه مِنْهُ شَيْء) فَنهى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فِي حَدِيث أبي الزِّنَاد عَن الصَّلَاة فِي الثَّوْب الْوَاحِد متزراً بِهِ. وَقد جَاءَ عَنهُ أَيْضا: (أَنه نهى أَن يُصَلِّي الرجل فِي السَّرَاوِيل وَحده لَيْسَ عَلَيْهِ غَيره) . حدّثنا عِيسَى بن إِبْرَاهِيم الغافقي، قَالَ: حدّثنا عبد ابْن وهب، قَالَ: أَخْبرنِي زيد بن الْحباب عَن أبي الْمُنِيب عَن عبد ابْن بُرَيْدَة عَن أَبِيه عَن رَسُول الله بذلك، فَهَذَا مثل ذَلِك، وَهَذَا عندنَا على الْوُجُود مَعَه غَيره، وَإِن كَانَ لَا يجد غَيره فَلَا بَأْس بِالصَّلَاةِ فِيهِ، كَمَا لَا بَأْس بِالصَّلَاةِ فِي الثَّوْب الصَّغِير متزراً بِهِ، فَهَذَا تَصْحِيح مَعَاني هَذِه الْآثَار المروية عَن رَسُول الله فِي هَذَا الْبَاب.

قَوْله: (لَيْسَ على عَاتِقه شَيْء) جملَة حَالية بِدُونِ الْوَاو، وَيجوز فِي مثل هَذَا: الْوَاو، تَركه. (قَالَ الْكرْمَانِي) هَذَا النَّهْي للتَّحْرِيم أم لَا؟ قلت: ظَاهر النَّهْي يَقْتَضِي التَّحْرِيم، لَكِن الْإِجْمَاع مُنْعَقد على جوز تَركه، إِذْ الْمَقْصُود ستر الْعَوْرَة، فَبِأَي وَجه حصل جَازَ. قلت: فِيهِ نظر، لِأَن الْإِجْمَاع مَا انْعَقَد على جَوَاز تَركه، وَهَذَا أَحْمد لَا يجوز صَلَاة من قدر على ذَلِك وَتَركه، وَنقل ابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن عَليّ عدم الْجَوَاز، وَنقل بَعضهم وجوب ذَلِك عَن نَص الشَّافِعِي، رَحمَه ا، وَاخْتَارَهُ، مَعَ أَن الْمَعْرُوف فِي كتب الشَّافِعِيَّة خِلَافه. وَقَالَ الْخطابِيّ: هَذَا نهي اسْتِحْبَاب وَلَيْسَ على سَبِيل الْإِيجَاب، فقد ثَبت أَنه صلى فِي ثوب كَانَ بعض طَرفَيْهِ على بعض نِسَائِهِ، وَهِي نَائِمَة، وَمَعْلُوم أَن الطّرف الَّذِي هُوَ لابسه من الثَّوْب غير متسع لِأَن يتزر بِهِ، ويفضل مِنْهُ مَا يكون لعاتقه، إِذْ لَو كَانَ لَا بُد أَن يبْقى من الطّرف الآخر مِنْهُ الْقدر الَّذِي يَسْتُرهَا، وَفِي حَدِيث جَابر الَّذِي يَتْلُو هَذَا الحَدِيث أَيْضا جَوَاز الصَّلَاة من غير شَيْء على العاتق.

٠٦٣٦٢ - ح دّثنا أبُو نُعَيْمٍ قَالَ حدّثنا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى بنِ أبي كَثِيرٍ عَنْ عِكْرَمَة قَالَ سَمِعْتُهُ أوْ كُنْتُ سَأَلْتُهُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ أشْهَدُ أنِّي سَمِعْتُ رسولَ الله يَقُولُ مَنْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ واحِدٍ فَلْيُخَالِفْ بَيْنَ طَرَفَيْهِ. (انْظُر الحَدِيث ٩٥٣) .

وَجه مُطَابقَة هَذَا الحَدِيث للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الْمُخَالفَة بَين طرفِي الثَّوْب لَا يَتَيَسَّر إِلَّا بِجعْل شَيْء من الثَّوْب على العاتق. وَقَالَ بَعضهم: فِي بعض طرق هَذَا الحَدِيث: فليخالف بَين طَرفَيْهِ على عَاتِقيهِ، وَهُوَ عِنْد أَحْمد من طَرِيق معمر عَن يحيى، وَعند الْإِسْمَاعِيلِيّ وَأبي نعيم من طَرِيق حُسَيْن عَن شَيبَان، ثمَّ ادّعى أَن هَذَا أولى فِي مُطَابقَة التَّرْجَمَة، لِأَن فِيهِ التَّصْرِيح بالمراد، فالمصنف أَشَارَ إِلَيْهِ كعادته. قلت: دَعْوَى الْأَوْلَوِيَّة غير صَحِيحَة، لِأَن الدّلَالَة على المُرَاد من الطَّرِيق الَّذِي للْمُصَنف من نفس الْكَلَام المسوق أولى من الْكَلَام الْأَجْنَبِيّ عَنهُ.

ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة. الأول: أَبُو نعيم، بِضَم النُّون: الْفضل بن دُكَيْن، بِضَم الدَّال. الثَّانِي: شَيبَان بن عبد الرَّحْمَن. الثَّالِث: يحيى بن أبي كثير، ضد قَلِيل. الرَّابِع: عِكْرِمَة مولى ابْن عَبَّاس. الْخَامِس:

<<  <  ج: ص:  >  >>