فِيهِ فِي النِّكَاح.
وَقَالَ بَعْضُ النّاس: إِن احْتالَ إنْسانٌ بِشاهِدَيْ زُورٍ عَلى تَزْوِيجِ امْرأةٍ ثَيِّبٍ بأمْرِها، فأثْبَتَ القاضِي نِكاحَها إيَّاهُ، والزَّوْجُ يَعْلَمُ أنَّهُ لَمْ يَتَزَوَّجُها قَطُّ، فإنَّهُ يَسَعُهُ هاذَا النِّكاحُ، وَلَا بأسَ بالمُقامِ لهُ مَعَها.
أَرَادَ بِهِ التشنيع أَيْضا على أبي حنيفَة. قَوْله: يَسعهُ أَي: يجوز لَهُ وَيحل لَهُ، قَالَ الْكرْمَانِي: وَهَذَا تشنيع عَظِيم لِأَنَّهُ أقدم على الْحَرَام الْبَين عَالما بِالتَّحْرِيمِ مُتَعَمدا لركوب الْإِثْم. انْتهى. وَقد ذكرنَا أَن أَبَا حنيفَة بنى هَذِه الْأَشْيَاء على أَن حكم الْحَاكِم بشاهدي زور ينفذ ظَاهرا وَبَاطنا.
٦٩٧١ - حدّثنا أبُو عاصِمٍ، عنِ ابنِ جُرَيْجٍ، عنِ ابنِ أبي مُلَيْكَةَ عنْ ذَكْوَانَ، عنْ عائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا، قالَتْ: قَالَ رسولُ الله البِكْرُ تُسْتَأذَنُ قُلْتُ إنَّ البكْرَ تَسْتَحي. قَالَ: إذْنُها صُماتُها
انْظُر الحَدِيث ٥١٣٧ وطرفه
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَأَبُو عَاصِم هُوَ الضَّحَّاك بن مخلد، وَابْن جريج هُوَ عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج، وَابْن أبي مليكَة هُوَ عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكَة بِضَم الْمِيم واسْمه زُهَيْر، وذكوان بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة وبالواو مولى عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا. والْحَدِيث قد مضى فِي النِّكَاح.
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إنْ هَوِيَ رجُلٌ جارِيَةً يَتيمَةً أوْ بِكْراً، فأبتْ، فاحتالَ فَجاءَ بِشاهِدْي زُورٍ عَلى أنهُ تَزَوَّجَها، فأدْرَكَتْ فَرَضيَتِ اليتيمَةُ فَقَبِلَ القاضِي شَهادَةَ الزُّورِ والزَّوْجَ يَعْلَمُ بِبُطلَان ذَلِكَ حَلَّ لهُ الوَطْءُ.
هَذَا تشنيع آخر على الْحَنَفِيَّة، وَقَوله هَذَا تكْرَار بِلَا فَائِدَة لِأَن حَاصِل هَذِه الْفُرُوع الثَّلَاثَة وَاحِد، وَذكره إِيَّاهَا وَاحِدًا بعد وَاحِد لَا يُفِيد شَيْئا لِأَنَّهُ قد علم أَن حكم الْحَاكِم ينفذ ظَاهرا وَبَاطنا ويحلل وَيحرم. وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَائِدَة التّكْرَار كَثْرَة التشنيع. قَوْله: إِن هوي بِكَسْر الْوَاو يَعْنِي: أحب. قَوْله: جَارِيَة هِيَ الْفتية من النِّسَاء يتيمة أَو بكرا ويروى عَن الْكشميهني: ثَيِّبًا أَو بكرا. قَوْله: فأدركت ظَاهِرَة أَنَّهَا بعد الشَّهَادَة بلغت ورضيت، وَيحْتَمل أَن يُرِيد أَنه جَاءَ بِشَاهِدين على أَنَّهَا أدْركْت ورضيت فَتَزَوجهَا فَيكون دَاخِلا تَحت الشَّهَادَة. وَالْفَاء للسَّبَبِيَّة فَقبل القَاضِي بِشَهَادَة الزُّور. كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين: بِشَهَادَة، بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَفِي رِوَايَة الْكشميهني بِحَذْف الْبَاء. قَوْله: جَازَ لَهُ الْوَطْء ويروى: حل لَهُ الْوَطْء.
١٢ - (بابُ مَا يُكْرَهُ مِن احْتِيالِ المَرْأةِ مَعَ الزَّوْجِ والضَّرَائِرِ، وَمَا نَزَلَ على النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ذَلِكَ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَا يكره ... الخ كلمة: مَوْصُولَة، والضرائر جمع ضرَّة بِفَتْح الضَّاد الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الرَّاء. قَوْله: وَمَا نزل أَي: وَفِي بَيَان مَا نزل على النَّبِي قَوْله: فِي ذَلِك أَي: فِيمَا ذكر من احتيال الْمَرْأَة مَعَ الزَّوْج والضرائر، وَأَرَادَ بقوله: وَمَا نزل قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيهَا النَّبِي لَا تحرم مَا أحل الله لَك} وَذَلِكَ لما قَالَ شربت عسلاً وَلنْ أَعُود، وَقبل: إِنَّمَا حرم جَارِيَته مَارِيَة فَحلف أَن لَا يَطَأهَا، وَأسر ذَلِك إِلَى حَفْصَة فأفشته إِلَى عَائِشَة، وَنزل الْقُرْآن فِي ذَلِك.
٦٩٧٢ - حدّثنا عُبَيْدُ بنُ إسْماعِيلَ، حدّثنا أبُو أُسامَةَ، عنْ هشامٍ، عنْ أبِيهِ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قَالَتْ: كانَ رسولُ الله يُحِبُّ الحَلْوَاءَ ويُحِبُّ العَسَلَ وكانَ إذَا صَلَّى العَصْرَ أجازَ عَلى نِسائِهِ فَيَدْنو مِنْهُنَّ، فَدَخَلَ عَلى حَفْصَةَ فاحْتَبَسَ عِنْدَها، أكْثَرَ مِما كانَ يَحْتَبِسُ، فَسْألْتُ عنْ ذَلِكَ فَقَالَ لي: أهْدَتِ امْرأةٌ مِنْ قَوْمِها عُكَّةَ عَسَلِ، فَسَقَتْ رسولَ الله مِنْهُ شَرْبَةً فَقُلْتُ أما واللَّهِ لَنَحْتالَنَّ لهُ،