للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ابْن حلوان بن عمرَان بن الحاف بن قضاعة. وَفِي اسْمه وَاسم أَبِيه خلاف، وَالْأَكْثَر على أَنه: جرهم بِضَم الْجِيم وَالْهَاء وَسُكُون الرَّاء، ابْن ناشم بالنُّون وَكسر الشين الْمُعْجَمَة وَهُوَ من الْمُبَايِعين تَحت الشَّجَرَة مَاتَ سنة خمس وَسبعين.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الذَّبَائِح عَن أبي عَاصِم فِي موضِعين مِنْهُ على مَا يَجِيء وَعَن أَحْمد بن أبي رَجَاء وَأخرجه مُسلم فِي الصَّيْد عَن هناد وَغَيره وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن هناد بِقصَّة الْكَلْب وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي السّير عَن هناد بِقصَّة الْآنِية. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الصَّيْد عَن مُحَمَّد بن عبيد بِقصَّة الْقوس وَالْكَلب. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن مُحَمَّد بن الْمثنى بِتَمَامِهِ. قَوْله: (أَنا بِأَرْض قوم) يَعْنِي: بِالشَّام وَكَانَت جمَاعَة من قبائل الْعَرَب سكنوا الشَّام وَتنصرُوا مِنْهُم آل غَسَّان وتنوخ وبهراء وبطون من قضاعة. مِنْهُم: بَنو خشين من آل أبي ثَعْلَبَة قَوْله: (فِي آنيتهم) جمع إِنَاء وَفِي (الْمغرب) الْإِنَاء وعَاء المَاء، وَجمع التقليل آنِية والتكثير: الْأَوَانِي. وَنَظِيره سوار وأسورة وأساور.

واستغتى أَبُو ثَعْلَبَة الْمَذْكُور رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، من مَسْأَلَتَيْنِ.

الأولى: عَن الْأكل فِي آنِية أهل الْكتاب فَأجَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقوله: (فَإِن وجدْتُم غَيرهَا) أَي: غير آنِية أهل الْكتاب فَلَا تَأْكُلُوا فِيهَا وَإِلَّا فاغسلوها وكلوا فِيهَا. وَهَذَا التَّفْصِيل يَقْتَضِي كَرَاهَة اسْتِعْمَالهَا إِن وجد غَيرهَا مَعَ أَن الْفُقَهَاء قَالُوا بِجَوَاز اسْتِعْمَالهَا بعد الْغسْل بِلَا كَرَاهَة سَوَاء وجد غَيرهَا أَو لَا وَأجِيب أَن المُرَاد النَّهْي عَن الْآنِية الَّتِي يطبخون فِيهَا لُحُوم الْخَنَازِير وَيَشْرَبُونَ فِيهَا الْخُمُور، وَإِنَّمَا نهى عَنْهَا بعد الْغسْل للاستقذار وَكَونهَا معدة للنَّجَاسَة، وَمُرَاد الْفُقَهَاء أواني الْكفَّار الَّتِي لَيست مستعملة فِي النَّجَاسَات غَالِبا. قلت: التَّحْقِيق فِي هَذَا أَن فِي حَدِيث أبي ثَعْلَبَة هَذَا تَرْجِيح الظَّاهِر على الأَصْل لِأَن الأَصْل فِي آنِية أهل الْكتاب وَالْمَجُوس الطَّهَارَة، وَمَعَ هَذَا فقد أَمر بغسلها عِنْد عدم وجود غَيرهَا. وَالصَّحِيح أَن الحكم للْأَصْل حَتَّى تتَحَقَّق النَّجَاسَة ثمَّ يحْتَاج إِلَى الْجَواب عَن الحَدِيث فَأُجِيب بجوابين: أَحدهمَا: أَن الْأَمر بِالْغسْلِ للِاحْتِيَاط والاستحباب. وَالثَّانِي: أَن المُرَاد بِالْحَدِيثِ حَالَة تحقق نجاستها، وَيدل عَلَيْهِ قَوْله فِي رِوَايَة أبي دَاوُد: إِنَّا نجاور أهل الْكتاب وهم يطبخون فِي قدورهم الْخِنْزِير وَيَشْرَبُونَ فِي آنيتهم الْخمر فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إِن وجدْتُم غَيرهَا فَكُلُوا فِيهَا وَاشْرَبُوا وَإِن لم تَجدوا غَيرهَا فاغسلوها بِالْمَاءِ وكلوا وَاشْرَبُوا) . فَافْهَم.

الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة: عَن الصَّيْد بِالْقَوْسِ وبالكلب الْمعلم وَغير الْمعلم فَأجَاب بقوله: (وَمَا صدت) إِلَى آخر.

وَيُسْتَفَاد مِنْهُ أَحْكَام.

الأول: فِيهِ جَوَاز الصَّيْد بِالْقَوْسِ إِذا ذكر اسْم الله عَلَيْهِ، وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد من حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَن أَعْرَابِيًا يُقَال لَهُ: أَبُو ثَعْلَبَة، قَالَ: يَا رَسُول الله! إِن لي كلابا معلمة الحَدِيث، وَفِيه: افتني فِي قوسي، قَالَ: كل مَا ردَّتْ عَلَيْك قوسك ذكيا وَغير ذكي، قَالَ: وَإِن تغيب عني؟ قَالَ: وَإِن تغيب عَنْك مَا لم يصل أَو تَجِد فِيهِ أثر غير سهمك. قَوْله: (مَا لم يصل) بِكَسْر الصَّاد الْمُهْملَة وَاللَّام الثَّقِيلَة أَي: مَا لم ينتن.

الثَّانِي: وجوب اشْتِرَاط التَّسْمِيَة، وَقد مرت مباحثها عَن قريب.

الثَّالِث: أَن الْكَلْب لَا بُد أَن يكون معلما؟ فَإِذا صَاد بكلبه الْمعلم وَذكر اسْم الله عِنْد الْإِرْسَال فَإِنَّهُ يُؤْكَل، وَإِذا صَاد بكلب غير معلم فَإِن أدْرك ذَكَاته يذكى ويؤكل، وإلَاّ فَلَا يُؤْكَل.

الرَّابِع: أَن ذكر الْكَلْب مُطلقًا يتَنَاوَل أَي لون كَانَ أَبيض أَو أسود أَو أَحْمَر، فَيجوز بِأَيّ لون كَانَ، وَفِيه حجَّة على أَحْمد حَيْثُ لَا يجوز بالكلب الْأسود، وَإِن كَانَ معلما.

الْخَامِس: أَن فِيهِ شرطين: كَون معلما. وَالتَّسْمِيَة فَإِذا أرسل كَلْبا غير معلم أَو أرسل معلما بِغَيْر تَسْمِيَة، أَو وجد كَلْبا قد صَاد من غير إرْسَال فَلَا يحل صَيْده إِلَّا بِأَن يُدْرِكهُ وَفِيه حَيَاة مُسْتَقِرَّة ثمَّ يذكيه.

٥ - (بابُ: {الخَذْفِ وَالبُنْدُقَةِ} )

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم الْخذف، وَهُوَ بِالْخَاءِ والذال المعجمتين، وَهُوَ الرَّمْي بالحصى بالأصابع. وَقَالَ ابْن الْمُنْذر: الْخذف رميك حَصَاة أَو نواة تَأْخُذ بَين سبابتيك وَتَرْمِي بهَا، أَو تتَّخذ مخذفة من خشب ثمَّ ترمي بهَا الْحَصَاة بَين إبهامك والسبابة، وَأما الْحَذف بِالْحَاء الْمُهْملَة فَهُوَ الرَّمْي بالعصا وَقَالَ ابْن الْأَثِير: يسْتَعْمل فِي الرَّمْي وَالضَّرْب مَعًا، والبندقة، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون النُّون طِينَة مُدَوَّرَة مجففة يرْمى بهَا عَن الجلاهق، وَهُوَ بِضَم الْجِيم وَتَخْفِيف اللَّام وَكسر الْهَاء وبالقاف: اسْم لقوس البندقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>