وَهِي الَّتِي تلبس فِي الْمَشْي. انْتهى، وتصغيرها: نعيلة، تَقول: نعلت وانتعلت إِذا احتذيت من الْحذاء بِالْحَاء الْمُهْملَة وَهُوَ النَّعْل، قَالَ الْخطابِيّ: نَهْيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْمَشْي فِي النَّعْل الْوَاحِدَة لمَشَقَّة الْمَشْي على مثل هَذِه الْحَالة، وَلعدم الْأَمْن من العثار مَعَ سماجته فِي الشكل وقبح منظره فِي الْعُيُون إِذْ كَانَ يتَصَوَّر ذَلِك عِنْد النَّاس بِصُورَة من إِحْدَى رجلَيْهِ أقصر من الْأُخْرَى. وَعَن ابْن الْعَرَبِيّ: أَنَّهَا مشْيَة الشَّيْطَان، وَعَن الْبَيْهَقِيّ لما فِيهِ من الشُّهْرَة وامتداد الْأَبْصَار إِلَى من يرى ذَلِك مِنْهُ. قَوْله: (ليحفهما) من الإحفاء بِالْحَاء الْمُهْملَة أَي: ليجردهما، يُقَال: حفي يحفي أَي: يمشي بِلَا خف ونعل. قَوْله: (أَو لينعلهما) ضَبطه النَّوَوِيّ بِضَم أَوله من أفعل ورد عَلَيْهِ شَيخنَا زين الدّين رَحمَه الله، بِأَن أهل اللُّغَة قَالُوا: نعل، بِفَتْح الْعين وَحكى كسرهَا، وانتعل أَي: لبس النَّعْل. قلت: قَالَ أهل اللُّغَة أَيْضا إِذا أنعل رجله أَي: ألبسها نعلا، وأنعل دَابَّته جعل لَهَا نعلا. وَقَالَ صَاحب (الْمُحكم) : نعل الدَّابَّة وَالْبَعِير ونعلهما بِالتَّشْدِيدِ وَيدخل فِي هَذَا كل لِبَاس شفع كالخفين، وأخراج الْيَد الْوَاحِدَة من الْكمّ دون الْأُخْرَى، والتردي على أحد الْمَنْكِبَيْنِ دون الْأُخْرَى، قَالَه الْخطابِيّ، وَقَالَ فِي (المعونة) : يجوز ذَلِك فِي الْمَشْي الْخَفِيف إِذا كَانَ هُنَاكَ عذر، وَهُوَ أَن يمشي فِي إِحْدَاهمَا متشاغلاً لإِصْلَاح الْأُخْرَى، وَإِن كَانَ الِاخْتِيَار أَن يقف إِلَى الْفَرَاغ مِنْهَا وروى ابْن أبي شيبَة من حَدِيث أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا انْقَطع شسع أحدكُم يمشي فِي الْأُخْرَى حَتَّى يصلحها، وَفِي (الجعديات) من حَدِيث ابْن الزبير عَن جَابر قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا انْقَطع شسع أحدكُم فَلَا يمشي فِي نعل وَاحِد حَتَّى يصلح شسعه، وَلَا يمشي فِي الْخُف الْوَاحِد. فَإِن قلت: روى ابْن شاهين فِي ناسخه من حَدِيث جبارَة بن الْمُغلس حَدثنَا منْدَل يَعْنِي ابْن عَليّ عَن لَيْث عَن نَافِع عَن ابْن عمر، قَالَ: رُبمَا انْقَطع شسع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيَمْشِي فِي نعل وَاحِد حَتَّى يصلحها أَو تصلح لَهُ؟ قلت: هَذَا حَدِيث واهٍ، كَذَا قَالَه صَاحب (التَّوْضِيح) ، وَلَكِن فِي (علل التِّرْمِذِيّ) من حَدِيث لَيْث عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه عَن عَائِشَة، قَالَت: رُبمَا مَشى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي نعل وَاحِدَة، وروى ابْن علية وَالثَّوْري عَن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَنْهَا أَنَّهَا مشت فِي خف وَاحِد، قَالَ التِّرْمِذِيّ: سَأَلت مُحَمَّدًا عَن هَذَا الحَدِيث، فَقَالَ: الصَّحِيح عَن عَائِشَة مَوْقُوف، وروى ابْن أبي شيبَة عَن ابْن إِدْرِيس عَن لَيْث عَن نَافِع أَن ابْن عمر كَانَ لَا يرى بَأْسا أَن يمشي فِي نعل وَاحِدَة إِذا انْقَطع شسعه مَا بَينه وَبَين أَن تصلح، وَمن حَدِيث رجل من مزينة: رَأَيْت عليا رَضِي الله عَنهُ، يمشي فِي نعل وَاحِد بِالْمَدَائِنِ، وَعَن زيد بن مُحَمَّد أَنه رأى سالما يمشي فِي نعل وَاحِدَة بِالْمَدَائِنِ، وَقَالَ ابْن عبد الْبر: لم يَأْخُذ أهل الْعلم بِرَأْي عَائِشَة فِي ذَلِك، وَالَّذِي روى من هَؤُلَاءِ أَن النَّهْي عِنْدهم نهي تَنْزِيه، وَيحْتَمل أَن النَّهْي مَا بَلغهُمْ، وَالله أعلم.
٤١ - (بابُ قِبالانِ فِي نَعْلٍ، ومَنْ رأى قِبالاً واحِداً واسِعاً)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ قبالان كائنان فِي نعل وَاحِد وقبالان تَثْنِيَة قبال بِكَسْر الْقَاف زِمَام النَّعْل، وَهُوَ السّير الَّذِي يكون بَين الإصبعين الْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِيهَا، يُقَال: أقبل نَعله وقابلها إِذا عمل لَهَا قبالاً، وَفِي الحَدِيث: قابلوا النِّعَال، أَي: اعْمَلُوا عَلَيْهَا القبال وَقَالَ الْجَوْهَرِي: الزِّمَام هُوَ السّير الَّذِي يعْقد فِيهِ الشسع بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْمُهْملَة بعْدهَا عين مُهْملَة وَهُوَ أحد سيور النَّعْل الَّذِي يدْخل بَين الإصبعين، وَيدخل طرفه فِي الثقب الَّذِي فِي صدر النَّعْل المشدود فِي الزِّمَام، وَقَالَ عباض: جمعه شسوع. قَوْله: (وَمن رأى قبالاً وَاحِدًا وَاسِعًا) يَعْنِي: جَائِزا، وَأَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن قبالين أَو قبالاً وَاحِدًا مُبَاح، وَلَيْسَ فِي ذَلِك شَيْء لَا يَجْزِي غَيره.
٥٨٥٧ - حدَّثنا حَجَّاجُ بنُ مِنْهالٍ حَدثنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتادَةَ حَدثنَا أنَسٌ رَضِي الله عَنهُ، أنَّ نَعلَي النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كانَ لَهُما قِبالانِ. (انْظُر الحَدِيث ٣١٠٧ وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَهَمَّام هُوَ ابْن يحيى العوذي الْبَصْرِيّ، وَوَقع فِي رِوَايَة ابْن السكن عَن الْفربرِي: هِشَام، بدل همام، وَالصَّوَاب هُوَ الأول.
والْحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد فِي اللبَاس أَيْضا عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن إِسْحَاق ابْن مَنْصُور وَغَيره. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الزِّينَة عَن مُحَمَّد بن معمر الْبَصْرِيّ. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي اللبَاس عَن أبي بكر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute