للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِطَلَب التَّخْفِيف دون إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ السَّلَام، مَعَ أَن للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الِاخْتِصَاص بإبراهيم أَزِيد مِمَّا لَهُ من مُوسَى لمقام الْأُبُوَّة ورفعة الْمنزلَة والاتباع فِي الْملَّة.

٣٨٨٨ - حدَّثنا الحُمَيْدِيُّ حدَّثنا سُفْيانُ حدَّثنا عَمْرٌ وعنْ عِكْرَمَةَ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيا الَّتِي أرَيْنَاكَ إلَاّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ} (الْإِسْرَاء: ٦٠) . قَالَ هِيَ رُؤيَا عَيْنٍ أُرِيهَا رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ إلِى بَيْتِ المَقْدِسِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. والْحميدِي عبد الله بن الزبير، وَقد تكَرر ذكره، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَعَمْرو هُوَ ابْن دِينَار. والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا عَن الْحميدِي فِي الْقدر وَفِي التَّفْسِير عَن عَليّ بن عبد الله. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي التَّفْسِير عَن مُحَمَّد بن يحيى. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن مَنْصُور.

قَوْله: (فِي قَوْله تَعَالَى) أَي: فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: {إلَاّ فتْنَة} أَي: بلَاء، قَالَه سعيد بن الْمسيب. قَوْله: (رُؤْيا عين) ، قيد بِهِ للإشعار بِأَن الرُّؤْيَا بِمَعْنى الرُّؤْيَة فِي الْيَقَظَة. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: تعلق بِهَذِهِ الْآيَة من قَالَ: كَانَ الْإِسْرَاء فِي الْمَنَام، وَمن قَالَ كَانَ الْإِسْرَاء فِي الْيَقَظَة فسر الرُّؤْيَا بِالرُّؤْيَةِ، وَيُقَال: قد أثبت الله تَعَالَى فِي الْقُرْآن رُؤْيا الْقلب، فَقَالَ: {مَا كذب الْفُؤَاد مَا رأى} (النَّجْم: ١١) . ورؤيا الْعين، فَقَالَ: {مَا زاغ الْبَصَر وَمَا طَغى لقد رأى} (النَّجْم: ١٧) . الْآيَة، وروى الطَّبَرَانِيّ فِي (الْأَوْسَط) بِإِسْنَاد قوي عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: رأى مُحَمَّد ربه مرَّتَيْنِ، وَمن وَجه آخر، قَالَ: نظر مُحَمَّد إِلَى ربه، جعل الْكَلَام لمُوسَى، والخلة لإِبْرَاهِيم، وَالنَّظَر لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَظهر من ذَلِك أَن مُرَاد ابْن عَبَّاس هَهُنَا رُؤْيا الْعين، وَفِيه رد لمن قَالَ: المُرَاد بالرؤيا فِي هَذِه الْآيَة رُؤْيَاهُ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَنه دخل الْمَسْجِد الْحَرَام الْمشَار إِلَيْهَا بقوله تَعَالَى: {لقد صدق الله رَسُوله الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ} (الْفَتْح: ٢٧) . قَالَ هَذَا الْقَائِل: وَالْمرَاد بقوله: فتْنَة للنَّاس، مَا وَقع من صد الْمُشْركين لَهُ فِي الْحُدَيْبِيَة عَن دُخُول الْمَسْجِد الْحَرَام. انْتهى. قيل: هَذَا، وَإِن كَانَ مُمكنا أَن يكون المُرَاد، لَكِن الِاعْتِمَاد فِي تَفْسِيرهَا على ترجمان الْقُرْآن أولى، وَالله أعلم.

قالَ والشَّجَرَةَ المَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ قَالَ هِيَ شَجَرَةُ الزَّقُومِ

أرادَ بِهَذَا تَفْسِير الشَّجَرَة الْمَذْكُورَة فِي بَقِيَّة الْآيَة الْمَذْكُورَة، وَهَذَا التَّفْسِير مَرْوِيّ عَن سعيد بن جُبَير وَمُجاهد وَعِكْرِمَة وَالضَّحَّاك، وَقَالُوا أَيْضا: مَا جعل رُؤْيَاهُ الَّتِي رَآهَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إلَاّ فتْنَة للنَّاس، لِأَن جمَاعَة ارْتَدُّوا وَقَالُوا: كَيفَ يسري بِهِ إِلَى بَيت الْمُقَدّس فِي لَيْلَة وَاحِدَة؟ وَقَالُوا: فِي الشَّجَرَة: كَيفَ تكون فِي النَّار وَلَا تأكلها النَّار؟ فَكَانَ فِي ذَلِك فتْنَة لقوم وانتصاراً لقوم مِنْهُم الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَقيل: إِنَّمَا سمي الصّديق حِينَئِذٍ، وَمعنى كَونهَا ملعونة للعن أكلهَا، وَقيل: الْعَرَب تَقول لكل طَعَام ضار مَكْرُوه: مَلْعُون، والزقوم مَا وَصفه الله تَعَالَى فِي كِتَابه الْعَزِيز، فَقَالَ: {إِنَّهَا شَجَرَة تخرج فِي أصل الْجَحِيم طلعها كَأَنَّهُ رُؤُوس الشَّيَاطِين} (الصافات: ٦٤، ٦٥) . وَهُوَ فعول من الزقم وَهُوَ اللقم الشَّديد وَالشرب المفرط، وَفِي الحَدِيث: أَن أَبَا جهل قَالَ: إِن مُحَمَّدًا يخوفنا شَجَرَة الزقوم، هاتوا الزّبد وَالتَّمْر وتزقموا، أَي: كلوا، وَقيل: أكل الزّبد وَالتَّمْر بلغَة إفريقية: الزقوم.

٤٣ - (بابُ وُفُودِ الأنْصَارِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّةَ وبَيْعَةِ العَقَبَةِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان وُفُود الْأَنْصَار، أَي: قدومهم إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهُوَ بِمَكَّة. قَوْله: (وبيعة الْعقبَة) أَي: الَّتِي ينْسب إِلَيْهَا جَمْرَة الْعقبَة، وَهِي بمنى، كَانَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعرض نَفسه على الْقَبَائِل فِي كل موسم، وَأَنه أَتَى كِنْدَة وَبني حنيفَة وَبني كلب وَبني عَامر بن صعصعة وَغَيرهم فَلم يجب أحد مِنْهُم إِلَى مَا سَأَلَ. وَقَالَ مُوسَى بن عقبَة عَن الزُّهْرِيّ: كَانَ يَقُول لَهُم: لَا أكره أحدا مِنْكُم على شَيْء بل أُرِيد أَن تمنعوا من يُؤْذِينِي حَتَّى أبلغ رِسَالَة رَبِّي فَلَا يقبله أحد، بل يَقُولُونَ: قوم الرجل أعلم بِهِ، فَبينا هُوَ عِنْد الْعقبَة إِذْ لَقِي رهطاً من الْخَزْرَج

<<  <  ج: ص:  >  >>