للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على أبي هُرَيْرَة، وَلكنه رَفعه بقوله: يرويهِ، قَالَ: لَو قَالَ: إِن شَاءَ الله، لم يَحْنَث لِأَن قَوْله: يرويهِ، كِنَايَة عَن رفع الحَدِيث، وَهُوَ كَمَا لَو قَالَ مثلا: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقد وَقع فِي رِوَايَة الْحميدِي التَّصْرِيح بذلك، وَلَفظه: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ... وَكَذَا أخرجه مُسلم عَن ابْن أبي عمر عَن سُفْيَان.

قَوْله: (لم يَحْنَث) بالثاء الْمُثَلَّثَة المُرَاد بِعَدَمِ الْحِنْث عدم وُقُوع ماأراد، وَقَالَ الْكرْمَانِي: ويروي: لم يخب، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة من الخيبة وَهِي الحرمان. قَوْله: (وَكَانَ دركاً) بِفَتْح الرَّاء وسكونها. أَي: إدراكاً أَو لحَاقًا أَو بُلُوغ أمل فِي حَاجته. قَوْله: (وَقَالَ مرّة) أَي: قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو اسْتثْنى مَعْنَاهُ أَيْضا، لَو قَالَ: إِن شَاءَ الله، وَلَكِن قَالَ مرّة: لَو قَالَ: إِن شَاءَ الله، وَمرَّة أُخْرَى قَالَ: لَو اسْتثْنى، فاللفظ مُخْتَلف وَالْمعْنَى وَاحِد. وَجَوَاب: لَو، مَحْذُوف أَي: لَو اسْتثْنى لم يَحْنَث، وَقَالَ ابْن التِّين: لَيْسَ الِاسْتِثْنَاء فِي قصَّة سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام، الَّذِي يرفع حكم الْيَمين وَيحل عقده، وَإِنَّمَا هُوَ بِمَعْنى الْإِقْرَار لله بِالْمَشِيئَةِ وَالتَّسْلِيم لحكمه، فَهُوَ نَحْو قَوْله: {وَلَا تقولن لشَيْء إِنِّي فَاعل ذَلِك غَدا إِلَّا أَن يَشَاء الله} (الْكَهْف: ٣٢) وَإِنَّمَا يرفع حكم الْيَمين إِذا نوى بِهِ الِاسْتِثْنَاء فِي الْيَمين.

وحدّثنا أبُو الزِّنادِ عنِ الأعْرَجِ مِثْلَ حَدِيثٍ أبي هُرَيْرَةَ

الْقَائِل بقوله: وَحدثنَا، هُوَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَقد أفْصح بِهِ مُسلم فِي رِوَايَته، وَهُوَ مَوْصُول بالسند الأول. وَأَبُو الزِّنَاد بالزاي وَالنُّون عبد الله بن ذكْوَان، والأعرج هُوَ عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز. قَوْله: (مثل حَدِيث أبي هُرَيْرَة) أَي: مثل الَّذِي سَاقه من طَرِيق طَاوُوس عَن أبي هُرَيْرَة، وَأَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن لِسُفْيَان فِيهِ سندان إِلَى أبي هُرَيْرَة: هِشَام عَن طَاوس، وَأَبُو الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج.

٠١ - (بابُ الكَفَّارَة قَبْلَ الحِنْثِ وبَعْدَهُ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان جَوَاز الْكَفَّارَة قبل الْحِنْث وَبعده وَاخْتلف الْعلمَاء فِي جَوَاز الْكَفَّارَة قبل الْحِنْث، فَقَالَ ربيعَة وَمَالك وَالثَّوْري وَاللَّيْث وَالْأَوْزَاعِيّ: تجزىء قبل الْحِنْث، وَبِه قَالَ أَحْمد وَإِسْحَاق وَأَبُو ثَوْر، وَرُوِيَ مثله عَن ابْن عَبَّاس وَعَائِشَة وَابْن عمر، وَقَالَ الشَّافِعِي: يجوز تَقْدِيم الرَّقَبَة وَالْكِسْوَة وَالطَّعَام قبل الْحِنْث، وَلَا يجوز تَقْدِيم الصَّوْم. وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه: لَا تجزىء الْكَفَّارَة قبل الْحِنْث. وَقَالَ صَاحب (التَّوْضِيح: لَا سلف لأبي حنيفَة فِيهِ، وَاحْتج لَهُ الطَّحَاوِيّ بقوله تَعَالَى: {ذَلِك كَفَّارَة أَيْمَانكُم إِذا حلفتم} (الْمَائِدَة: ٩٨) وَالْمرَاد إِذا حلفتم وحنثتم.

قلت: أَبُو حنيفَة مَا انْفَرد بِهَذَا، وَقَالَ بِهِ أَيْضا أَشهب من الْمَالِكِيَّة، وَدَاوُد الظَّاهِرِيّ وَصَاحب (التَّوْضِيح) : مَا يَقُول فِيمَا ذهب إِلَيْهِ الشَّافِعِي وَهُوَ أَن الْكَفَّارَة اسْم لجَمِيع أَنْوَاعهَا فَبعد الْحِنْث حمل اللَّفْظ على جَمِيعهَا، وَقبل الْحِنْث خصص اللَّفْظ بِبَعْضِهَا، فَترك الظَّاهِر من ثَلَاثَة أوجه أَحدهَا تَسْمِيَتهَا كَفَّارَة وَلَيْسَ هُنَاكَ مَا يكفر. وَالثَّانِي: صرف الْأَمر عَن الْوُجُوب إِلَى الْجَوَاز. وَالثَّالِث: تَخْصِيص الْكَفَّارَة بِبَعْض الْأَنْوَاع.

١٢٧٦ - حدّثنا عَلِيُّ بنُ حُجْرٍ حدّثنا إسْماعِيلُ بنُ إبْراهِيمَ عنْ أيُّوبَ عنِ القاسِمِ التَّمِيمِيِّ عنْ زَهْدَمٍ الجَرْمِيِّ قَالَ: كنَّا عِنْدَ أبي مُوسى وَكَانَ بَيْننا وبَيْنَ هاذا الحَيِّ مِنْ جَرْمٍ إخَاءٌ ومَعْرُوفٌ، وَقَالَ: فَقُدِّمَ طَعَام، قَالَ: وقُدِّمَ فِي طَعامِهِ لَحْمُ دَجاجٍ، قَالَ: وَفِي القَوْمِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَيْمِ الله أحْمَرُ كأنَّهُ مَوْلًى، قَالَ: فَلَمْ يَدْنُ، فَقَالَ لهُ أبُو مُوسى: ادْنُ فإنِّي قَدْ رَأيْتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يأكُلُ مِنْهُ، قَالَ: إنِّي رَأيْتُهُ يَأْكلُ شَيْئاً قَذِرَتُهُ فَحَلَفْتُ أنْ لَا أطْعَمَهُ أبدا، فَقَالَ: أدْنُ أُخْبِرْكَ عنْ ذالِكَ: أتَيْنا رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي رَهْطٍ مِنَ الأشْعَرِيِّينَ أسْتَحْملُهُ وهْوَ يَقْسِمُ نَعَماً مِنْ نَعَمِ الصَّدَقةِ قَالَ أيُّوبُ أحْسِبُهُ قَالَ: وهْوَ غَضْباُ قَالَ: (وَالله لَا أحْمِلُكُمْ وَمَا عِنْدِي

<<  <  ج: ص:  >  >>