ارْتَضَى رَضِي
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {يعلم مَا بَين أَيْديهم وَمَا خَلفهم وَلَا يشفعون إلَاّ لمن ارتضى وهم من خَشيته مشفقون} (الْأَنْبِيَاء: ٨٢) وَفسّر: ارتضى بقوله: (رَضِي) قَالَ ابْن عَبَّاس، رَضِي بقول لَا إِلَه إلَاّ الله، وَقَالَ مُجَاهِد: لمن رَضِي عَنهُ.
التَّماثِيلُ الأصنامُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {مَا هَذِه التماثيل الَّتِي أَنْتُم لَهَا عاكفون} (الْأَنْبِيَاء: ٢٥) وَفسّر التماثيل بالأصنام، وَهُوَ جمع تِمْثَال وَهُوَ إسم للشَّيْء الْمَصْنُوع شَبِيها بِخلق من خلق الله تَعَالَى، وَأَصله من مثلت الشَّيْء بالشَّيْء إِذا شبهته بِهِ.
السِّجلُّ الصَّحِيفَةُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {يَوْم نطوي السَّمَاء كطي السّجل للكتب} (الْأَنْبِيَاء: ٤٠١) وَفسّر السّجل بالصحيفة، أَي: الْمَكْتُوب، وَقيل: السّجل إسم مَخْصُوص كَانَ يكْتب لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ من طَرِيق عَمْرو بن مَالك عَن أبي الجوزاء عَن ابْن عَبَّاس، وَقيل: هُوَ ملك يطوي الصُّحُف، وَبِه قَالَ السّديّ أَيْضا، وَاللَّام فِي قَوْله: (للكتب) بِمَعْنى: على، يَعْنِي: كطي الصَّحِيفَة على مكتوبها.
٢ - {كَمَا بَدَأنا أوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وعْداً عَلَيْنا إنَّا كُنَّا فاعِلِينَ} (الْأَنْبِيَاء: ٤٠١)
وَفِي بعض النّسخ: بَاب قَوْله: {كَمَا بدأنا أول خلق نعيده وَعدا علينا إِنَّا كُنَّا فاعلين} قَوْله: (كَمَا بدأنا) أَي: كَمَا بدأناهم فِي بطُون أمهاتهم حُفَاة عُرَاة غرلًا كَذَلِك نعيدهم يَوْم الْقِيَامَة، وَقيل: كَمَا بدأناه من المَاء نعيده من التُّرَاب، وَنصب: وَعدا، على الْمصدر أَي: وعدناه وَعدا علينا. قَوْله: (فاعلين) ، يَعْنِي: الْإِعَادَة والبعث.
٠٤٧٤ - حدَّثنا سُلَيْمانُ بن حَرْبٍ حدَّثنا شُعْبَةُ عنِ المُغِيَرةِ بن النُّعْمانِ شَيْخِ مِنَ النَّخَعِ عنْ سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ عنِ ابْن عَبَّاسٍ رضيَ الله عَنْهُمَا قَالَ خَطَبَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: {إنكُمْ مَحْشُورُونَ إِلَى الله حُفاةً عُرَاةً غُزْلاً كَمَا بَدأنا أوَّلَ خلْقٍ نُعِيدُهُ وعْداً عَلَيْنا إنَّا كُنَّا فاعِلِينَ} ثُمَّ إنَّ أوَّلَ مَنْ يُكْسَي يَوْمَ القِيامَةِ إبْرَاهِيمُ إلَاّ إنَّهُ يُجاءُ بِرِجالٍ مِنْ أُمَّتِي فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمالِ فأقُولُ يَا رَبِّ أصْحابي فَيُقالُ لَا تَدْرِي مَا أحْدَثُوا بَعْدَكَ فأقُولُ كَما قَالَ العَبْدُ الصَّالِحُ: {وكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ} إِلَى قَوْلِهِ: {شَهِيدٌ} (الْمَائِدَة: ٧١١) فيُقالُ إنَّ هاؤُلاءِ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أعْقَابِهِمْ مُنْذُ فارَقْتَهُمْ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. قَوْله: (من النخع) ، بِفَتْح الْخَاء وَالنُّون الْمُعْجَمَة وبالعين الْمُهْملَة: وَهِي قَبيلَة كَبِيرَة من مذْحج، وَاسم النخع جسر بن عَمْرو بن عِلّة بن جلد بن أدد، وَقيل لَهُ: النخع، لِأَنَّهُ انتخع عَن قومه، أَي: بعد عَنْهُم، ونزلوا فِي الْإِسْلَام الْكُوفَة.
والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْأَنْبِيَاء فِي: بَاب قَوْله تَعَالَى: {وَاتخذ الله إِبْرَاهِيم خَلِيلًا} (النِّسَاء: ٥٢١) فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن مُحَمَّد بن كثير عَن سُفْيَان عَن الْمُغيرَة إِلَى آخِره.
قَوْله: (غرلًا) ، بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة: جمع أغرل وَهُوَ الأقلف. قَوْله: (إِلَّا أَنه) أَي: لَكِن إِن الشَّأْن. قَوْله: (ذَات الشمَال) ، أَي: جِهَة النَّار. قَوْله: (مرتدين) ، لم يرد بهم الرِّدَّة عَن الْإِسْلَام بل التَّخَلُّف عَن الْحُقُوق الْوَاجِبَة وَلم يرْتَد بِحَمْد الله أحد من الصَّحَابَة، وَإِنَّمَا ارْتَدَّ قوم من جُفَاة الْأَعْرَاب الداخلين فِي الْإِسْلَام رَغْبَة أَو رهبة، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ مستقصًى، وَالله أعلم.
٢٢ - (سورَةُ الحَجِّ)
أَي: هَذَا فِي تَفْسِير بعض سُورَة الْحَج، وَذكر ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس وَابْن الزبير رَضِي الله عَنْهُم: أَنَّهُمَا قَالَا: نزلت سُورَة الْحَج بِالْمَدِينَةِ، وَقَالَ مقَاتل: بَعْضهَا مكي أَيْضا، وَعَن قَتَادَة: إِنَّهَا مَكِّيَّة، وَعنهُ: مَدَنِيَّة غير أَربع آيَات، وَعَن عَطاء: إلَاّ ثَلَاث آيَات مِنْهَا. قَوْله: {هَذَانِ خصمان} (الْحَج: ٩١) وَقَالَ هبة بن سَلامَة: هِيَ من أَعَاجِيب سور الْقُرْآن لِأَن فِيهَا. مكياً ومدنياً وسفرياً وحضرياً وحربياً وسلمياً وليلياً ونهارياً وناسخاً ومنسوخاً وَهِي خَمْسَة آلَاف وَخَمْسَة وَسَبْعُونَ حرفا، وَألف ومائتان