مطابقته للتَّرْجَمَة على تَقْدِير صِحَة النُّسْخَة: بَاب الْخمر من الْعِنَب وَغَيره، كَمَا فِي (شرح ابْن بطال) ظَاهِرَة. وَأما على غَالب النّسخ بِدُونِ لفظ: وَغَيره، فعلى كَون لفظ: بَاب، مُضَافا إِلَى الْخمر من الْعِنَب، وَلَا يُرَاد بِهِ الْحصْر كَمَا ذكرنَا وَجهه فِي أول الْبَاب، وَيدخل فِيهِ كل مَا يخَامر الْعقل.
وَيحيى هُوَ الْقطَّان، وَأَبُو حَيَّان بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالنون اسْمه يحيى بن سعيد التَّيْمِيّ الْكُوفِي، وعامر هُوَ الشّعبِيّ يروي عَن عبد الله بن عمر، رَضِي الله عَنْهُمَا.
واسماعيل هُوَ ابْن أبي أويس واسْمه عبد الله ابْن أُخْت مَالك بن أنس، وَقد تكَرر ذكره. والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي خبر الْوَاحِد عَن يحيى بن قزعة. وَأخرجه مُسلم فِي الْأَشْرِبَة أَيْضا عَن أبي الطَّاهِر بن السَّرْح.
قَوْله:(أَبَا عُبَيْدَة) هُوَ ابْن الْجراح واسْمه عَامر أحد الْعشْرَة المبشرة، وَأَبُو طَلْحَة زيد بن سهل الْأنْصَارِيّ زوج أم أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم وَاسم أم أنس: أم سليم، كَذَا اقْتصر فِي هَذِه الرِّوَايَة على هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة، فَأَما أَبُو طَلْحَة فلكون الْقِصَّة كَانَت فِي منزله، وَأما أَبُو عُبَيْدَة فَلِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، آخى بَينه وَبَين أبي طَلْحَة، وَأما أبي بن كَعْب فَلِأَنَّهُ كَانَ كَبِير الْأَنْصَار وعالمهم، وَوَقع فِي رِوَايَة عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب عَن أنس فِي تَفْسِير الْمَائِدَة: إِنِّي لقائم أَسْقِي أَبَا طَلْحَة وَفُلَانًا وَفُلَانًا، كَذَا وَقع بالإبهام، وسمى فِي رِوَايَة مُسلم مِنْهُم أَبَا أَيُّوب، وَسَيَأْتِي بعد أَبْوَاب من رِوَايَة هِشَام عَن قَتَادَة عَن أنس: إِنِّي لأسقي أَبَا طَلْحَة وَأَبا دُجَانَة وَسُهيْل بن بَيْضَاء، وَأَبُو دُجَانَة بِضَم الدَّال الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْجِيم وَبعد الْألف نون اسْمه سماك بن خَرشَة بمعجمتين بَينهمَا رَاء مفتوحات وَلمُسلم من طَرِيق سعيد عَن قَتَادَة نَحوه وسمى فيهم: معَاذ بن جبل، وَلأَحْمَد عَن يحيى الْقطَّان عَن حميد عَن أنس كنت أَسْقِي أَبَا عُبَيْدَة وَأبي بن كَعْب وَسُهيْل بن بَيْضَاء وَنَفَرًا من الصَّحَابَة عِنْد أبي طَلْحَة وَوَقع عِنْد عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن ثَابت وَقَتَادَة وَغَيرهمَا عَن أنس أَن الْقَوْم كَانُوا أحد عشر رجلا، وَوَقع عِنْد ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره من طَرِيق عِيسَى بن طهْمَان عَن أنس أَن أَبَا بكر وَعمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا كَانَا فيهم وَهُوَ مُنكر جدا، وَقيل: إِنَّه غلط، وَقد أخرج أَبُو نعيم فِي (الْحِلْية) من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قَالَت: حرم أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ الْخمر على نَفسه فَلم يشْربهَا فِي جَاهِلِيَّة وَلَا إِسْلَام، فَإِن قلت: سَنَد حَدِيث ابْن مرْدَوَيْه جيد. قلت: إِن كَانَ مَحْفُوظًا يحْتَمل أَن أَبَا بكر وَعمر زارا أَبَا طَلْحَة فِي ذَلِك الْيَوْم وَلم يشربا. قَوْله:(من فضيخ زهو) وَقد فسرناه عَن قريب. قَوْله:(فَجَاءَهُمْ آتٍ) لم يدر من هُوَ. قَوْله:(فَأَهْرقهَا) أَمر من الإهراق، وَأَصله أرِقها من الإراقة، ويروى: فهرقها، بِفَتْح الْهَاء وَكسر الرَّاء أَي: أرقها فأبدلت الْهمزَة هَاء، وَكَذَلِكَ الْكَلَام فِي: أهرقها وهرقتها، وَوَقع فِي رِوَايَة ثَابت عَن أنس فِي التَّفْسِير بِلَفْظ: فإهراقها، وَمن رِوَايَة عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب عَن أنس، فَقَالُوا: أرِق هَذِه القلال يَا أنس، وَهَذَا مَحْمُول على أَن الْمُخَاطب لَهُ بذلك أَبُو طَلْحَة، وَرَضي الْبَاقُونَ بذلك، فنسب الْأَمر بالإراقة إِلَيْهِم جَمِيعًا.