وَقَالَ أَبُو ثابِتٍ حَدثنَا إبْرَاهِيمُ وَقَالَ مَعَ خُزَيْمَةَ أوْ مَعَ أبي خُزَيْمَةَ
أَبُو ثَابت مُحَمَّد بن عبيد الله الْمدنِي يروي عَن إِبْرَاهِيم بن سعد، وَشك فِي رِوَايَته حَيْثُ قَالَ: مَعَ خُزَيْمَة، أَو مَعَ أبي خُزَيْمَة، وَكَذَا رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي الْأَحْكَام بِالشَّكِّ، وَالْحَاصِل هُنَا أَن أَصْحَاب إِبْرَاهِيم بن سعد اخْتلفُوا، فَقَالَ بَعضهم: مَعَ أبي خُزَيْمَة، وَقَالَ بَعضهم: مَعَ خُزَيْمَة، وَشك بَعضهم. وَعَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل أَن آيَة التَّوْبَة مَعَ أبي خُزَيْمَة، وَآيَة الْأَحْزَاب مَعَ خُزَيْمَة.
ابْتَدَأَ بالبسملة تبركاً عِنْد شُرُوعه فِي تَفْسِير سُورَة يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام.
سُورَةُ يُونُسَ
أَي: هَذَا شُرُوع فِي تَفْسِير بعض مَا فِي سُورَة يُونُس، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر الْبَسْمَلَة بعد. قَوْله: (سُورَة يُونُس) . قَالَ أَبُو الْعَبَّاس فِي (مقامات التَّنْزِيل) هِيَ مَكِّيَّة، وفيهَا آيَة ذكر الْكَلْبِيّ أَنَّهَا مَدَنِيَّة {لَهُم الْبُشْرَى فِي الحيوة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة} (يُونُس: ٦٤) ، وَمَا بلغنَا أَن فِيهَا مدنياً غير هَذِه الْآيَة، وَفِي (تَفْسِير ابْن النَّقِيب) عَن الْكَلْبِيّ: مَكِّيَّة إِلَّا قَوْله: {وَمِنْهُم من يُؤمن بِهِ وَمِنْهُم من لَا يُؤمن بِهِ} (يُونُس: ٤٠) ، فَإِنَّهَا نزلت بِالْمَدِينَةِ، وَقَالَ مقَاتل: كلهَا مَكِّيَّة غير آيَتَيْنِ: {فَإِن كنت فِي شكّ مِمَّا أنزلنَا إِلَيْك فاسأل الَّذين يقرؤون الْكتاب من قبلك لقد جَاءَك الْحق من رَبك فَلَا تكونن من الممترين وَلَا تكونن من الَّذين كذبُوا بآيَات الله فَتكون من الخاسرين} (يُونُس: ٩٤ ٩٥) هَاتَانِ الْآيَتَانِ مدنيتان، وَفِي رِوَايَة ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس: فِيهَا رِوَايَتَانِ (الأولى) وَهِي الْمَشْهُورَة عَنهُ: هِيَ مَكِّيَّة، (الثَّانِيَة) : مَدَنِيَّة، وَهِي مائَة وتسع آيَات، وَسَبْعَة آلَاف وَخَمْسمِائة وَسَبْعَة وَسِتُّونَ حرفا، وَألف وَثَمَانمِائَة وَاثْنَتَانِ وَثَلَاثُونَ كلمة.
١ - (بَاب: وَقَالَ ابنُ عَبَّاس فاخْتَلَطَ فَنَبَتَ بالمَاءِ مِنْ كلِّ لَوْنٍ)
فِي: بعض النّسخ: بَاب وَقَالَ ابْن عَبَّاس، وَأَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله: {إِنَّمَا مثل الحيوة الدُّنْيَا كَمَا أنزلنَا من السَّمَاء فاختلط بِهِ نَبَات الأَرْض} (يُونُس: ٢٤) وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله ابْن جرير من طَرِيق ابْن جريج عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إِنَّمَا مثل الْحَيَاة الدُّنْيَا كَمَا أَنزَلْنَاهُ من السَّمَاء فاختلط} فنبت بِالْمَاءِ كل لون مِمَّا يَأْكُل النَّاس كالحنطة وَالشعِير وَسَائِر حبوب الأَرْض، وأسنده أَيْضا ابْن أبي حَاتِم من حَدِيث عَليّ بن أبي طَلْحَة عَنهُ.
{وقالُوا اتَّخَذَ الله ولَداً سُبْحانَهُ هُوَ الغَنِيُّ} (يُونُس: ٦٨)
هَذِه الْآيَة الَّتِي هِيَ التَّرْجَمَة لم تذكر فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَثبتت لغيره خَالِيَة عَن الحَدِيث. قَوْله: {وَقَالُوا} أَي: أهل مَكَّة (اتخذ الله ولدا) فَقَالُوا الْمَلَائِكَة بَنَات الله، وَقَالَت الْيَهُود: عُزَيْر ابْن الله، وَقَالَت النَّصَارَى: المسيخ ابْن الله. قَوْله: (سُبْحَانَهُ) تَنْزِيه لَهُ عَن اتِّخَاذ الْوَلَد، وتعجب بِهِ من كلمتهم الحمقاء. قَوْله: (هُوَ الْغَنِيّ) عَن الصاحبة وَالْولد.
وَقَالَ زَيْدُ بنُ أسْلَمَ أنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ مُحَمَّدٌ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ مُجَاهِدٌ خَيْرٌ
زيد بنُ أسلم أَبُو أُسَامَة مولى عمر بن الْخطاب، وَقد فسر: (قدم صدق) فِي قَوْله تَعَالَى: {وَبشر الَّذين آمنُوا أَن لَهُم قدم صدق} (يُونُس: ٢) بِأَنَّهُ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَوصل هَذَا التَّعْلِيق أَبُو جَعْفَر بن جرير من طَرِيق ابْن عُيَيْنَة عَنهُ، وَعَن ابْن عَبَّاس: منزل صدق، وَقيل: الْقدَم: الْعَمَل الصَّالح، وَعَن الرّبيع بن أنس: ثَوَاب صدق، وَعَن السّديّ: قدم يقدمُونَ عَلَيْهِ عِنْد رَبهم. قَوْله: (وَقَالَ مُجَاهِد: خير) يَعْنِي: قدم صدق هُوَ خير، أسْندهُ أَبُو مُحَمَّد البستي من حَدِيث ابْن أبي نجيح عَنهُ، ثمَّ روى عَنهُ أَيْضا صلَاتهم وتسبيحهم وصومهم، وَرجح ابْن جرير قَول مُجَاهِد لقَوْل الْعَرَب: لفُلَان قدم صدقٍ فِي كَذَا، إِذا قدم فِيهِ خيرا، وَقدم شرٍ فِي كَذَا إِذا قدم فِيهِ شرا، وَذكر عِيَاض أَنه وَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر: وَقَالَ مُجَاهِد بن جبر، وَهُوَ خطأ. قلت: جبر، بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة: اسْم وَالِد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute