٩٢٤٣ - حدَّثني إسْحَاقُ أخبرَنا عِيسَى بنُ يُونُسَ حدَّثنا الأعمشُ عنْ إبْرَاهِيمَ عنْ عَلْقَمَةَ عنْ عَبْدِ الله رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ لَمَّا نَزَلَتِ {الَّذِينَ آمَنُوا ولَمْ يَلْبِسُوا إيمانَهُمْ بِظُلْمٍ} (الْأَنْعَام: ٢٨) . شَقَّ ذَلِكَ علَى المُسْلِمِينَ فَقَالُوا يَا رسوُلَ الله أيُّنَا لَا يَظْلِمُ نَفْسَهُ قَالَ لَيْسَ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ الشِّرْكُ ألَمْ تَسْمَعُوا مَا قَالَ لُقْمانُ لابْنِهِ وهْوَ يَعِظُهُ {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّه إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَإِسْحَاق هُوَ ابْن رَاهَوَيْه، وَعبد الله هُوَ ابْن مَسْعُود، وَهَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور.
قَوْله: (إِنَّمَا هُوَ الشّرك) ، أَي: الظُّلم الْمَذْكُور فِي تِلْكَ الْآيَة هُوَ الشّرك، وَالظُّلم لفظ عَام يعم الشّرك وَغَيره، وَقد خص فِي الْآيَة بالشرك. وَمعنى: اخْتِلَاط الْإِيمَان، هُوَ أَن الْإِيمَان التَّصْدِيق بِاللَّه وَهُوَ لَا يُنَافِي جعل الْأَصْنَام آلِهَة، قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَا يُؤمن أَكْثَرهم بِاللَّه إلَاّ وهم مشركون} (يُوسُف: ٦٠١) . قَوْله: (مَا قَالَ لُقْمَان لِابْنِهِ) قَالَ السُّهيْلي، اسْم ابْنه: باران، بِالْبَاء الْمُوَحدَة وبالراء، وَكَذَا قَالَه الطَّبَرِيّ والعتبي، وَقَالَ الثَّعْلَبِيّ: اسْمه أنعم، وَقَالَ الْكَلْبِيّ: أشكم. قَوْله: (وَهُوَ يعظه) جملَة حَالية، وَالله أعلم.
٢٤ - (بابٌ {واضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أصْحَابَ القَرْيَةِ} (ي س: ٣١) . الْآيَة)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ قَوْله تَعَالَى: {وَاضْرِبْ لَهُم مثلا أَصْحَاب الْقرْيَة إِذْ جاءها المُرْسَلُونَ إِذْ أرسلنَا إِلَيْهِم اثْنَيْنِ فكذبوهما فعززنا بثالث فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مرسلون} (ي س: ٣١) . قَوْله: (وَاضْرِبْ لَهُم مثلا) أَي: لأجلهم، وَقيل: وَاضْرِبْ لأجل نَفسك أَصْحَاب الْقرْيَة مثلا، وَحَاصِل الْمَعْنى: اذكر لَهُم قصَّة عَجِيبَة، يَعْنِي: قصَّة أَصْحَاب الْقرْيَة، وَهِي أنطاكية: {إِذْ جاءها المُرْسَلُونَ} (ي س: ٣١) . أَي: رسل عِيسَى، وَكلمَة إِذْ، بدل من أَصْحَاب الْقرْيَة، وَكَانَ إرْسَال عِيسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، رسله فِي أَيَّام مُلُوك الطوائف.
وَاخْتلفُوا فِي اسْم الرسولين اللَّذين أرسلا أَولا، فَقَالَ ابْن إِسْحَاق: قاروص وماروص، وَقَالَ وهب: يحيى وَيُونُس، وَقَالَ مقَاتل: تومان ومالوس، وَقَالَ كَعْب: صَادِق وصدوق، وَاسم الرَّسُول الثَّالِث: شَمْعُون الصَّفَا رَأس الحواريين، وَهُوَ قَول أَكثر الْمُفَسّرين، وَقَالَ كَعْب: اسْمه شلوم، وَقَالَ مقَاتل: سمْعَان، وَقيل: بولص، وَلم يذكر البُخَارِيّ فِي هَذَا الْبَاب حَدِيثا مَرْفُوعا، وَقد روى الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا: السَّبق ثَلَاثَة: يُوشَع إِلَى مُوسَى، وَصَاحب يس إِلَى عِيسَى، وَعلي إِلَى مُحَمَّد، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَفِي إِسْنَاده حُسَيْن بن الْحسن الْأَشْقَر وَهُوَ ضَعِيف، وَاسم صَاحب يس: حبيب النجار، وَعَن السّديّ: كَانَ قصاراً، وَقيل: كَانَ إسكافاً، وَكَانَ اسْم ملك أنطاكية أنطيخس بن أنطيخس وَكَانَ يعبد الْأَصْنَام.
فَعَزَّزْنا. . قَالَ مُجَاهِدٌ شَدَّدْنَا
أَشَارَ بِهِ إِلَى تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: {فعززنا} (ي س: ٣١) . وَحكي عَن مُجَاهِد أَنه قَالَ: مَعْنَاهُ: شددنا، يَعْنِي: قوينا الرسولين الْأَوَّلين برَسُول ثَالِث، وعَلى يَده كَانَ الْخَلَاص.
قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ طائِرُكُمْ مَصَائِبُكُمْ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {قَالُوا طائركم مَعكُمْ أئن ذكرْتُمْ بل أَنْتُم قوم مسرفون} (ي س: ٩١) . وَوصل ابْن أبي حَاتِم قَول ابْن عَبَّاس من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَنهُ بِهِ. قَوْله: {طائركم} وَفَسرهُ ابْن عَبَّاس بقوله: مصائبكم، وَلما قَالُوا: {إنَّا تطيرنا بكم} (ي س: ٨١) . يَعْنِي: تشاءمنا بكم، قَالُوا: طائركم، أَي: شؤمكم مَعكُمْ، وَهُوَ كفرهم.
٣٤ - (بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى {كَهيَعَصَ ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّاءَ إذْ نادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيَّاً قَالَ رَبِّ إنِّي وهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي واشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً} إِلَى قولِهِ {لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيَّاً} (مَرْيَم: ٣ ٧) .)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان قَول الله تَعَالَى: {كهيعص ذكر رَحْمَة رَبك عَبده زَكَرِيَّا} (مَرْيَم: ٣ ٧) . إِلَى آخِره. قَوْله: (إِلَى قَوْله) ، أَي: إقرأ إِلَى قَوْله: {لم نجْعَل لَهُ من قبل سميا} (مَرْيَم: ٣ ٧) . وَهُوَ قَوْله: {وَلم أكن بدعائك رب شقيا وَإِنِّي خفت الموالى من ورائي وَكَانَت امْرَأَتي عاقراً فَهَب لي