للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَا يسْتَلْزم النَّهْي عَن الاسْتِغْفَار لمن مَاتَ مظْهرا لِلْإِسْلَامِ. قَوْله: (سأزيد على السّبْعين) ، لاستمالة قُلُوب عشيرته لَا أَنه أَرَادَ أَنه إِذا زَاد على السّبْعين يغْفر لَهُ، وَيُؤَيّد هَذَا تردده فِي الحَدِيث الآخر حَيْثُ قَالَ: لَو أعلم أَنِّي إِن زِدْت على السّبْعين يغْفر لَهُ لزدت، وَقيل: لما قَالَ سأزيد نزلت {سَوَاء عَلَيْهِم استغفرت لَهُم} (المُنَافِقُونَ: ٦) الْآيَة فَتَركه.

١٤ - (بابُ قَوْلِهِ: {سَيَحْلِفُونَ بِالله لَكُمْ إذَا انْقَلَبْتُم إلَيْهِمْ لِتُعرِضُوا عَنْهُمْ فَأعْرِضُوا عَنْهُمْ إنّهُمْ رِجْسٌ وَمأوَاهُم جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانَوا يَكْسِبُونَ} (التَّوْبَة: ٩٥)

أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله عز وَجل: {سيحلفون بِاللَّه} الْآيَة، وَسقط فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ لفظ: لكم، وَالصَّوَاب إِثْبَاتهَا، وَأخْبر الله عَن الْمُنَافِقين بِأَنَّهُم إِذا رجعُوا إِلَى الْمَدِينَة يَعْتَذِرُونَ ويحلفون بِاللَّه لتعرضوا عَنْهُم فَلَا تؤنبوهم فأعرضوا عَنْهُم احتقارا لَهُم إِنَّهُم رِجْس، أَي: جبناء نجس بواطنهم واعتقاداتهم ومأواهم فِي آخِره جَهَنَّم جَزَاء بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ من الآثام والخطايا.

٤٦٧٣ - ح دَّثنا يَحْيَى حدَّثنا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابنِ شهابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمانِ بنِ عَبْدِ الله أنَّ عَبْدَ الله بنَ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ قَالَ سَمِعْتُ كَعْبَ بنَ مَالِكٍ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ تَبُوكَ وَالله مَا أنْعَمَ الله عَلَيَّ مِنْ نِعْمَةٍ بَعْدَ إذْ هَدَانِي أعْظَمَ مِنْ صِدْقِي رَسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنْ لَا أكُونَ كَذَبْتُهُ فَأهْلِكَ كَمَا هَلَكَ الَّذِينَ كَذَبُوا حِينَ أُنْزِلَ الوَحْيُ {سَيَحْلِفُونَ بِالله لَكُمْ إذَا انْقَلَبْتُمْ إلَيْهِمْ} إلَى قَوْلِهِ: {الفَاسِقِينَ} .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَيحيى هُوَ ابْن عبد الله بن بكير المَخْزُومِي الْمصْرِيّ. والْحَدِيث مضى مطولا فِي غَزْوَة تَبُوك بِهَذَا الْإِسْنَاد وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: (مَا أنعم الله عَليّ من نعْمَة) كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين. وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي وَحده على عبد نعْمَة، وَالْأول هُوَ الصَّوَاب. قَوْله: (أَن لَا أكون) قَالَ عِيَاض: كَذَا وَقع فِي نسخ البُخَارِيّ وَمُسلم، وَالْمعْنَى: أَن أكون كَذبته، وَلَا زَائِدَة كَمَا قَالَ الله تَعَالَى: {مَا مَنعك أَن لَا تسْجد} أَي: أَن تسْجد. قَوْله: {أَن لَا أكون} مُسْتَقْبل (وكذبته) مَاض وَبَينهمَا مُنَافَاة ظَاهرا، وَلَكِن الْمُسْتَقْبل فِي معنى الِاسْتِمْرَار المتناول للماضي فَلَا مُنَافَاة بَينهمَا. قَوْله: (إِلَى الْفَاسِقين) تَفْسِير قَوْله: (إِلَيْهِم) .

بَابُ قَوْلِهِ: {يَحْلِفُونَ لَكُم لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإنْ تَرَضْوَا عَنْهُمْ} إلَى قَوْلِهِ {الفاسِقِينَ} (التَّوْبَة: ٩٦)

أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله تَعَالَى: {يحلفُونَ لكم} إِلَى آخِره، هَكَذَا ثَبت هَذَا الْبَاب لأبي ذَر وَحده بِغَيْر حَدِيث، وَلَيْسَ بمذكور أصلا فِي رِوَايَة البَاقِينَ نزلت هَذِه فِي الْمُنَافِقين يحلفُونَ لكم لأجل أَن ترضوا عَنْهُم فَإِن ترضوا عَنْهُم بحلفانهم فَإِن الله لَا يرضى عَن الْقَوْم الْفَاسِقين، أَي: الخارجين عَن طَاعَته وَطَاعَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

١٥ - (بابُ قَوْلِهِ: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحا وَآخَرَ سَيِّئا عَسَى الله أنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إنَّ الله غَفُورٌ رَحِيمٌ} (التَّوْبَة: ١٠٢)

أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله عز وَجل: {وَآخَرُونَ} الْآيَة وسيقت الْآيَة كلهَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ} الْآيَة. وَلما أخبر الله تَعَالَى عَن حَال الْمُنَافِقين المتخلفين عَن الْغُزَاة رَغْبَة عَنْهَا وتكذيبا. شرع فِي بَيَان حَال الَّذين تَأَخَّرُوا عَن الْجِهَاد كسلاً وميلاً إِلَى الرَّاحَة مَعَ إِيمَانهم وتصديقهم بِالْحَقِّ، فَقَالَ: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ} أَي: أقرُّوا بهَا واعترفوا فِيمَا بَينهم وَبَين رَبهم وَلَهُم أَعمال أخر صَالِحَة خلطوا هَذِه بِتِلْكَ فَهَؤُلَاءِ تَحت عَفْو الله وغفرانه. فَهَذِهِ الْآيَة وَإِن كَانَت نزلت فِي إناس مُعينين إِلَّا أَنَّهَا عَامَّة فِي كل المذنبين الْخَطَّائِينَ المخلطين المتلوثين وَقَالَ مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا نزلت فِي أبي لبَابَة وَجَمَاعَة من أَصْحَابه تخلفوا عَن غَزْوَة تَبُوك. فَقَالَ بَعضهم: أَبُو لبَابَة وَخَمْسَة مَعَه، وَقيل: وَسَبْعَة مَعَه، وَقيل: وَتِسْعَة مَعَه.)

<<  <  ج: ص:  >  >>