أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله تَعَالَى: {الَّذِي علم بالقلم} (العلق: ٤) وَهَذِه التَّرْجَمَة لأبي ذَر وَحده. قَوْله: (علم بالقلم) أَي: علم الْخط وَالْكِتَابَة بالقلم.
٧٥٩٤ - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ حدَّثنا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابنِ شِهابٍ قَالَ سَمِعْتُ عُرْوَةَ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ الله عَنْها فَرَجَعَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إلَى خَدِيجَةَ فَقَالَ زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي فَذَكَرَ الحَدِيثَ.
وَهَذَا أَيْضا طرف من حَدِيث بَدْء الْوَحْي وَالْكَلَام فِي إرْسَال هَذَا قد مر عَن قريب.
٤ - (بَابٌ: {كَلاّ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعنْ بِالنَّاصِيَةِ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ} (العلق: ٥١، ٦١)
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله تَعَالَى: {كلا} إِلَى آخِره وَسقط لغير أبي ذَر لفظ: بَاب، وَمن نَاصِيَة إِلَى آخِره قَوْله: {لَئِن لم ينْتَه} أَي: أَبُو جهل عَن إنذار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنَهْيه عَن الصَّلَاة. قَوْله: (لنسفعن) أَي: لنأخذن بالناصية، وَقد مر تَفْسِيره عَن قريب، وَكتب بِالْألف فِي الْمُصحف على حكم الْوَقْف قَوْله: نَاصِيَة بدل من قَوْله بالناصية، وَوصف الناصية بِالْكَذِبِ وَالْخَطَأ على الْإِسْنَاد الْمجَازِي، وَالْكذب وَالْخَطَأ فِي الْحَقِيقَة لصَاحِبهَا أَي: صَاحب الناصية كَاذِب خاطىء.
٨٥٩٤ - حدَّثنا يَحْيَى حدَّثنا عَبْدِ الرَّزَاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ الكَرِيمِ الْجِزَرِيِّ عَنْ عِكْرَمَةَ قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ قَالَ أبُو جَهْلٍ لَئِنْ رَأيْتُ مُحَمَّدا يُصَلِّي عِنْدَ الكَعْبَةِ لأَطْأنَّ عَلَى عُنُقِهِ فَبَلَغَ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَوْ فَعَلَ لأخَذَتْهُ المَلائِكَةُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَيحيى إِمَّا ابْن مُوسَى وَإِمَّا ابْن جَعْفَر، وَعبد الْكَرِيم بن مَالك الْجَزرِي، بِفَتْح الْجِيم وَالزَّاي.
والْحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ فِي التفسيرعن عبد بن حميد عَن عبد الرَّزَّاق. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن أبي رَافع عَن عبد الرَّزَّاق وَعَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله.
قَوْله: (قَالَ أَبُو جهل) اسْمه: عَمْرو بن هِشَام المَخْزُومِي، وَهَذَا من مرسلات عبد الله بن عَبَّاس لِأَنَّهُ لم يدْرك زمن قَول أبي جهل ذَلِك لِأَن مولده قبل الْهِجْرَة نَحْو ثَلَاث سِنِين، وَيحمل على أَنه سَمعه من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو من صَحَابِيّ آخر قَوْله: (على عُنُقه) بالنُّون وَالْقَاف، ويروى بِالْقَافِ وَالْبَاء الْمُوَحدَة وَالْأول أصح. قَوْله: (لَو فعل) أَي: أَبُو جهل. قَوْله: (لَأَخَذته الْمَلَائِكَة) أَي: مَلَائِكَة الْعَذَاب، وَوَقع عِنْد البلاذري نزل اثْنَا عشر ملكا من الزَّبَانِيَة رؤوسهم فِي السَّمَاء وأرجلهم فِي الأَرْض وَأخرج النَّسَائِيّ من طَرِيق أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة نَحْو حَدِيث ابْن عَبَّاس، وَزَاد فِي آخِره فَلم يفجأهم مِنْهُ إلَاّ وَهُوَ. أَي: أَبُو جهل نكص على عقبه ويتقى بِيَدِهِ. فَقيل لَهُ: مَالك؟ قَالَ: إِن بيني وَبَينه لَخَنْدَقًا من نَا وَهولا وَأَجْنِحَة. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (لَو دنا لَاخْتَطَفَتْهُ الْمَلَائِكَة عضوا عضوا) .
تَابَعَهُ عَمْرُو بنُ خَالِدٍ عَنْ عُبَيْدِ الله عَنْ عَبْدِ الكَرِيمِ
أَي: تَابع عبد الرَّزَّاق أَو يحيى فِي رِوَايَته عَمْرو بن خَالِد الْحَرَّانِي من شُيُوخ البُخَارِيّ عَن عبيد الله بن عَمْرو الرقي بالراء وَالْقَاف عَن عبد الْكَرِيم الْجَزرِي الْمَذْكُور، وَهَذِه الْمُتَابَعَة وَصلهَا عبد الْعَزِيز الْبَغَوِيّ فِي (منتخب الْمسند) لَهُ عَن عَمْرو بن خَالِد فَذكره.
٧٩ - (سُورَةُ: {إنَّا أنْزَلْنَاهُ} (الْقد: ١)
أَي: هَذَا فِي تَفْسِير بعض سُورَة {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ} هَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَفِي رِوَايَة غَيره: سُورَة الْقدر، وَهِي مَدَنِيَّة فِي قَول الْأَكْثَرين، وَحكى الْمَاوَرْدِيّ عَكسه، وَذكر الواحدي أَنَّهَا أول سُورَة نزلت بِالْمَدِينَةِ. قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: مَكِّيَّة بِلَا خلاف، وَهِي مائَة وَاثنا عشر جرفا وَثَلَاثُونَ كلمة، وَخمْس آيَات. قَوْله: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ) يَعْنِي: الْقُرْآن كِنَايَة عَن غير مذكرو جملَة وَاحِد. (فِي لَيْلَة الْقدر) من اللَّوْح الْمَحْفُوظ إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا. فوضعناه فِي بَيت الْعِزَّة فأملأه جِبْرِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، على السفرة، ثمَّ كَانَ جِبْرِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، ينزله على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نجوما، وَكَانَ بَين أَوله وَآخره ثَلَاث وَعِشْرُونَ سنة.
يُقَال المَطْلَعُ هُوَ الطُّلُوعُ وَالمَطْلِعُ المَوْضِعُ الَّذِي يُطْلَعُ مِنْهُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {سَلام هِيَ حَتَّى مطلع الْفجْر} (الْقدر: ٥) وَفِيه قراءتان: إِحْدَاهمَا: بِفَتْح اللَّام أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله: المطلع، يَعْنِي: بِفَتْح اللَّام