هُرَيْرَةَ قَالَ لَقَدْ رَأَيْتُ سَبْعِينَ مِنْ أصْحَابِ الصفَّةِ مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ عَلَيْهِ رِدَاءٌ إِمَّا إِزَارٌ وإِمَّا كِسَاءٌ قَدْ رَبَطُوا فِي أعْنَاقِهِمْ فَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ نِصْفَ السَّاقَيْنِ ومِنْهَا مَا يَبْلُغُ الْكَعْبَيْنِ فَيَجْمَعُهُ بِيَدِهِ كَرَاهِيَةَ أنْ تُرَى عَوْرَتُهُ.
يُوسُف بن عِيسَى هُوَ الْمروزِي سبق فِي بَاب من تَوَضَّأ من الْجَنَابَة، وَابْن فُضَيْل، بِضَم الْفَاء وَفتح الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف: هُوَ مُحَمَّد بن فُضَيْل بن غَزوَان أَبُو عبد الرَّحْمَن الْكُوفِي، مَاتَ سنة خمس وَتِسْعين وَمِائَة، وَأَبوهُ فُضَيْل مر فِي بَاب التستر فِي الْغسْل، وَأَبُو حَازِم هُوَ سلمَان الْأَشْجَعِيّ الْكُوفِي، وَهُوَ أكبر من أبي حَازِم الَّذِي قبله فِي السن واللقاء، وَإِن كَانَا جَمِيعًا مدنيين تابعيين ثقتين، وَيحْتَاج الْوَاقِف هُنَا أَن يكون على التيقظ لِئَلَّا يَقع التلبيس لأجل التشابه. قَوْله: (لقد رَأَيْت سبعين من أَصْحَاب الصّفة) ، هَؤُلَاءِ الَّذين رَآهُمْ أَبُو هُرَيْرَة غير السّبْعين الَّذين بَعثهمْ النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فِي غَزْوَة بِئْر مَعُونَة وَكَانُوا من أهل الصّفة أَيْضا، لكِنهمْ اسْتشْهدُوا قبل إِسْلَام أبي هُرَيْرَة. قَوْله: (عَلَيْهِ رِدَاء) هُوَ: مَا يستر النّصْف الْأَعْلَى من الْبدن، والإزار مَا يكسو النّصْف الْأَسْفَل. قَوْله: (إِمَّا إِزَار) أَي: فَقَط، (وَإِمَّا كسَاء) ، على الْهَيْئَة المشروحة فِي الْمَتْن. قَوْله: (قد ربطوا) أَي: الأكسية، فَحذف الْمَفْعُول للْعلم بِهِ. قَوْله: (فَمِنْهَا) أَي: فَمن الأكسية بِاعْتِبَار أَن الكساء جنس. قَوْله: (فيجمعه بِيَدِهِ) ، أَي: الْوَاحِد مِنْهُم، وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ زِيَادَة وَهِي: إِن ذَلِك فِي حَال كَونهم فِي الصَّلَاة.
٩٥ - (بابُ الصَّلَاةِ إذَا قَدِمَ منْ سَفَرٍ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الصَّلَاة إِذا قدم الرجل من سفر، وغالب الْأَبْوَاب فِي هَذَا الْموضع فِيمَا يتَعَلَّق بالمساجد فَلَا يحْتَاج إِلَى زِيَادَة طلب وُجُوه المناسبات، فِيهَا.
وَقَالَ كَعْبُ بنُ مالِكٍ كانَ النبيُّ إِذَا قَدِمَ منْ سَفَرٍ بَدَأَ بِالمَسْجِدِ فَصَلَّي فيهِ.
هَذَا التَّعْلِيق ذكره البُخَارِيّ مُسْندًا فِي غَزْوَة تَبُوك، وَهُوَ حَدِيث طَوِيل يرويهِ عَن يحيى بن بكير عَن اللَّيْث عَن عقيل عَن ابْن شهَاب عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد ابْن كَعْب بن مَالك: أَن عبد ابْن كَعْب بن مَالك، وَكَانَ قَائِد كَعْب من بنيه حِين عمي، قَالَ: سَمِعت كَعْب بن مَالك يحدثني تخلف عَن غَزْوَة تَبُوك ... الحَدِيث بِطُولِهِ، يَأْتِي إِن شَاءَ اتعالى، وَفِيه: (وَأصْبح رَسُول الله قادماً، وَكَانَ إِذا قدم من سفر بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثمَّ جلس للنَّاس) الحَدِيث، ومطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
[٣٤٤٣٠١ ح دّثنا خَلَاّدُ بنُ يَحْيَى قَالَ حدّثنا مِسْعَرٌ قَالَ حدّثنا مُحَارِبُ بنُ دِثارٍ عنْ جابِرِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أتَيْتُ النبيَّ وهْوَ فِي المَسْجِدِ قَالَ مِسْعَرٌ أَراهُ قَالَ ضُحىً فَقَالَ صَلِّ ركْعَتَين وكانَ لِي علَيْهِ دَيْنٌ فَقَضَانِي وَزَادَنِي. (الحَدِيث ٣٤٤ أَطْرَافه فِي: ١٠٨١، ٧٩٠٢، ٩٠٣٢، ٥٨٣٢، ٤٩٣٢، ٦٠٤٢، ٠٧٤٢، ٣٠٦٢، ٤٠٦٢، ٨١٧٢، ١٦٨٢، ٧٦٩٢، ٧٨٠٣، ٩٨٠٣، ٠٩٠٣، ٢٥٠٤، ٩٧٠٥، ٠٨٠٥، ٣٤٢٥، ٤٤٢٥، ٥٤٢٥، ٦٤٢٥، ٧٤٢٥، ٧٦٣٥، ٧٨٣٦) .
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن التَّرْجَمَة فِي بَيَان الصَّلَاة عِنْد الْقدوم من السّفر، ومشروعية هَذِه الصَّلَاة أَعم من أَن تكون بِفِعْلِهِ، وَأَن تكون بقوله: فَبين الأول: بِالْحَدِيثِ الْمُعَلق، وَالثَّانِي: بِحَدِيث جَابر هَذَا. وَقَالَ بَعضهم: ذكر حَدِيث جَابر بعد الْمُعَلق ليجمع بَين فعل النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَأمره، فَلَا يظنّ أَن ذَلِك من خَصَائِصه. قلت: قَوْله: فَلَا يظنّ أَن ذَلِك من خَصَائِصه، لَيْسَ كَذَلِك، لِأَنَّهُ يشْعر أَن كل فعل يصدر مِنْهُ، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، يظنّ فِيهِ أَنه من خَصَائِصه، وَلَيْسَ كَذَلِك. فَإِن مَوَاضِع الْخُصُوص لَهَا قَرَائِن تدل على ذَلِك.
وَقَالَ الْكرْمَانِي. فَإِن قلت: مَا وَجه دلَالَته على التَّرْجَمَة؟ قلت: هَذَا الحَدِيث مُخْتَصر من مطول ذكره فِي كتاب الْبيُوع وَغَيره، وَفِيه أَنه قَالَ: (كنت مَعَ النَّبِي، فِي غزَاة وَاشْترى مني جملا بأوقية، ثمَّ قدم رَسُول ا، قبلي وقدمت بِالْغَدَاةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute