للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الطُّهْر شَيْئا) . وعَلى هَذَا ترْجم البُخَارِيّ، وَصَححهُ الْحَاكِم. وَعند الْإِسْمَاعِيلِيّ: (كُنَّا لَا نعد الصُّفْرَة والكدرة شَيْئا فِي الْحيض) . وَعند الدَّارَقُطْنِيّ: (كُنَّا لَا نرى التربية بعد الطُّهْر شَيْئا، وَهِي الصُّفْرَة والكدرة) . وروى ابْن بطال من رِوَايَة حَمَّاد بن سَلمَة عَن قَتَادَة عَن حَفْصَة: (كُنَّا لَا نرى التربية بعد الْغسْل شَيْئا) . قَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: قد رُوِيَ عَن عَائِشَة: (كُنَّا نعد الكدرة والصفرة حيضا) . فَمَا وَجه الْجمع بَينهمَا؟ . قلت: هَذَا فِي وَقت الْحيض وَذَاكَ فِي غير وقته. قلت: حَدِيث عَائِشَة أخرجه ابْن حزم بِسَنَد واهٍ لأجل أبي بكر النَّهْشَلِي الْكذَّاب، وَوَقع فِي (وسيط الْغَزالِيّ) ذكره لَهُ من حَدِيث زَيْنَب، وَلَا يعرف. وروى الْبَيْهَقِيّ حَدِيث عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: (مَا كُنَّا نعد الكدرة والصفرة شَيْئا، وَنحن مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) . قَالَ: وَسَنَده ضَعِيف لَا يسوى ذكره، قَالَ: وَقد رُوِيَ مَعْنَاهُ عَن عَائِشَة بِسَنَد أمثل من هَذَا، وَهُوَ أَنَّهَا قَالَت: (إِذا رَأَتْ الْمَرْأَة الدَّم فلتمسك عَن الصَّلَاة حَتَّى ترَاهُ أَبيض كالقصة، فَإِذا رَأَتْ ذَلِك فلتغتسل ولتصلِّ، فَإِذا رَأَتْ بعد ذَلِك صفرَة أَو كدرة فلتتوضأ ولتصلِّ، فَإِذا رَأَتْ مَاء أَحْمَر فلتغتسل ولتصلِّ) . وَقَالَ ابْن بطال: ذهب جُمْهُور الْعلمَاء فِي معنى هَذَا الحَدِيث إِلَى مَا ذهب إِلَيْهِ البُخَارِيّ فِي تَرْجَمته، فَقَالَ أَكْثَرهم: الصُّفْرَة والكدرة حيض فِي أَيَّام الْحيض خَاصَّة، وَبعد أَيَّام الْحيض لَيْسَ بِشَيْء، رُوِيَ هَذَا عَن عَليّ، وَبِه قَالَ سعيد بن الْمسيب وَعَطَاء وَالْحسن وَابْن سِيرِين وَرَبِيعَة وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَأَبُو حنيفَة وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق. وَقَالَ أَبُو يُوسُف: لَيْسَ قبل الْحيض حيض، وَفِي آخر الْحيض حيض، وَهُوَ قَول أبي ثَوْر. وَقَالَ مَالك: حيض فِي أَيَّام الْحيض وَغَيرهَا، وأظن أَن حَدِيث أم عَطِيَّة لم يبلغهُ.

٢٦ - (بابُ عِرْق الإسْتِحَاضَة)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان عرق الِاسْتِحَاضَة، وَهُوَ بِكَسْر الْعين وَسُكُون الرَّاء، وَقد ذكرنَا أَنه يُسمى هَذَا الْعرق العاذل، وَأَرَادَ بِهَذَا أَن دم الِاسْتِحَاضَة من عرق، كَمَا صرح بِهِ فِي حَدِيث الْبَاب، وَفِي رِوَايَة أخرجهَا أَبُو دَاوُد: (إِنَّمَا ذَلِك عرق وَلَيْسَت بالحيضة) .

والمناسبة بَين الْبَابَيْنِ من حَيْثُ إِن كلاًّ مِنْهُمَا مُشْتَمل على ذكر حكم الِاسْتِحَاضَة.

٣٢٧ - ح دَّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ الْمُنْذِرِ قالَ حَدَّثَنا مَعْنٌ قالَ حدَّثني ابنُ أَبي ذِئْبٍ عنِ ابْن شِهَابٍ عنْ عُرْوَةَ وَعَنْ عَمْرَةَ عنْ عائِشَةَ زَوْجِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّ أمَّ حَبِيبَةَ اسْتُحِيضَتْ سَبْعَ سِنِينَ فَسَأَلَتْ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عنْ ذَلِكَ فَأَمَرَهَا أنْ تَغْتَسِلَ فقالَ هَذَا عرْقٌ فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلاةٍ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

ذكر رِجَاله: وهم سَبْعَة: الأول: إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر، بِضَم الْمِيم وَسُكُون النُّون وَكسر الذَّال الْمُعْجَمَة: الْحزَامِي، بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وبالزاي المخففة، سبق فِي أول كتاب الْعلم، ونسبته إِلَى حزَام أحد الأجداد المنتسب إِلَيْهِ الثَّانِي: معن بن عِيسَى الْقَزاز، بتَشْديد الزَّاي الأولى، مر فِي بَاب: مَا يَقع من النَّجَاسَات فِي السّمن. الثَّالِث: مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ذِئْب، بِكَسْر الذَّال الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَمر فِي بَاب حفظ الْعلم. الرَّابِع: مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ. الْخَامِس: عُرْوَة بن الزبير. السَّادِس: عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن بن سعد الْأَنْصَارِيَّة الثِّقَة الْحجَّة العالمة، مَاتَت سنة ثَمَان وَتِسْعين. السَّابِع: عَائِشَة الصديقة، رَضِي الله عَنْهَا.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين، وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع. وَفِيه: العنعنة فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن رُوَاته كلهم مدنيون، وَفِي رِوَايَة ابْن شهَاب: عَن عُرْوَة وَعَن عمْرَة، بواو الْعَطف كِلَاهُمَا عَن عَائِشَة، كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة أبي الْوَقْت وَابْن عَسَاكِر: عَن عُرْوَة عَن عمْرَة عَن عَائِشَة، بِحَذْف الْوَاو، وَالْمَحْفُوظ إِثْبَات الْوَاو، وَأَن ابْن شهَاب رَوَاهُ عَن شيخين: عُرْوَة وَعمرَة كِلَاهُمَا عَن عَائِشَة. وَكَذَا أخرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ وَغَيره من طرق عَن ابْن أبي ذِئْب. وَكَذَا أخرجه من طَرِيق عَمْرو بن الْحَارِث وَأَبُو دَاوُد من طَرِيق الْأَوْزَاعِيّ كِلَاهُمَا عَن الزُّهْرِيّ وَعَن عُرْوَة وَعمرَة. وَأخرجه مُسلم أَيْضا من طَرِيق

<<  <  ج: ص:  >  >>