هَذَا وَجه آخر فِي حَدِيث جَابر الْمَذْكُور فِيمَا قبله، وَتقدم الْكَلَام فِيهِ مستقصى.
قَوْله: (فَنَخَسَ) بالنُّون وبالخاء الْمُعْجَمَة وبالسين الْمُهْملَة، وأصل النخس الدّفع وَالْحَرَكَة، قَالَه ابْن الْأَثِير فِي تَفْسِير هَذَا الحَدِيث، وَفِي (الغرب) : نخس دَابَّته إِذا طَعنهَا بِعُود وَنَحْوه، والعنزة عصى نَحْو نصف الرمْح.
٣٢١ - (بابٌ { (٢٤) وَلَا يبدين زينتهن إِلَّا لبعولتهن} إِلَى قَوْله { (٢٤) لم يظهروا على عورات النِّسَاء} (النُّور: ١٣)
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله عز وَجل: {وَلَا يبدين زينتهن} أَي وَلَا يظهرن (زينتهن) يَعْنِي: مَا يتزين بِهِ من حلي أَو كحل أَو خضاب، والزينة مِنْهَا مَا هُوَ ظَاهر وَهُوَ الثِّيَاب والرداء فَلَا بَأْس بإبداء هَذَا للأجانب، وَمِنْهَا مَا هُوَ خَفِي كالخلخال والسوار والدملج والقرط والقلادة والإكليل والوشاح، وَلَا يبدينها (إِلَّا لبعولتهن) وَهُوَ جمع بعل وَهُوَ الزَّوْج {أَو آبائهن أَو آبَاء بعولتهن أَو أبنائهن أَو أَبنَاء بعولتهن أَو إخوانهن} وَهُوَ جمع أَخ {أَو بني أخواتهن أَو نسائهن} قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: قيل فِي نسائهن: هن الْمُؤْمِنَات لِأَنَّهُ لَيْسَ للمؤمنة أَن تتجرد بَين يَدي مُشركَة أَو كنابية. وَالظَّاهِر أَنه عني بنسائهن وَمَا ملكت أيمانهن فِي صبحتهن وخدمتهن من الْحَرَائِر وَالْإِمَاء، وَالنِّسَاء كُلهنَّ سَوَاء فِي حل نظر بَعضهنَّ إِلَى بعض، وَقيل: مَا ملكت أيمانهن هم الذُّكُور وَالْإِنَاث جَمِيعًا. قَوْله: (أَو التَّابِعين) هم الْقَوْم الَّذين يتبعُون الْقَوْم وَيَكُونُونَ مَعَهم لإرفاقهم إيَّاهُم، أَو لأَنهم نشأوا فيهم {غير أولي الإربة} أَي: الْحَاجة (من الرِّجَال) ، وَلَا حَاجَة لَهُم فِي النِّسَاء وَلَا يشتهونهن، وَقيل: التَّابِع الأحمق الَّذِي لَا تشتهيه الْمَرْأَة وَلَا يغار عَلَيْهِ الرجل، وَقيل: هُوَ الأبله الَّذِي يُرِيد الطَّعَام وَلَا يُرِيد النِّسَاء، وَقيل: الْعنين، وَقيل: الشَّيْخ الفاني، وَقيل: إِنَّه الْمَجْبُوب، وَالْمعْنَى لَا يبدين زينتهن لمماليكهن وَلَا أتباعهن إِلَّا أَن يَكُونُوا غير أولي الإربة {أَو الطِّفْل الَّذين لم يظهروا على عورات النِّسَاء} فيعطلوا عَلَيْهَا. قيل: لم يظهروا، إِمَّا من ظهر على الشَّيْء إِذا اطلع عَلَيْهِ، أَي: لَا يعْرفُونَ مَا الْعَوْرَة وَلَا يميزون بَينهَا وَبَين غَيرهَا، وَإِمَّا من ظهر على فلَان إِذا قوي عَلَيْهِ أَي: لم يبلغُوا أَوَان الْقُدْرَة على الْوَطْء. وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ: هَذِه الْآيَة نزلت بعد الْحجاب، ثمَّ الزِّينَة هِيَ الْوَجْه والكفان، وَقيل: اليدان إِلَى المرافقين، وَقَالَ الْمُهلب: إِنَّمَا أُبِيح للنِّسَاء أَن يبدين زينتهن لمن ذكر فِي هَذِه الْآيَة إلَاّ فِي العبيد، وَعَن سعيد بن الْمسيب لَا تغرنكم هَذِه الْآيَة، إِنَّمَا عَنى بهَا الْإِمَاء وَلم يعن بِهِ العبيد، وَكَانَ الشّعبِيّ يكره أَن ينظر الْمَمْلُوك إِلَى شعر مولاته، وَهُوَ قَول عَطاء وَمُجاهد، وَعَن ابْن عَبَّاس: يجوز ذَلِك، فَدلَّ على أَن الْآيَة عِنْده على الْعُمُوم فِي المماليك، وَقيل: لم يذكر فِي الْآيَة الْخَال وَالْعم؟ وَأجِيب: بِأَنَّهُ اسْتغنى عَن ذكرهمَا بِالْإِشَارَةِ إِلَيْهِمَا لِأَن الْعم ينزل منزلَة الْأَب، وَالْخَال منزلَة الْأُم.
٨٤٢٥ - حدّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ حَدثنَا سُفْيَانُ عنْ أبِي حازمٍ قَالَ: اخْتَلَفَ النَّاسُ بأيِّ شَيْءٍ دُووِيَ جُرْحُ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمَ أُحُدٍ؟ فَسَأَلَ سَهْلَ بنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ وكانَ مِنْ آخِر مَنْ بَقِيَ مِنْ أصْحابِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالمَدينةِ، فَقَالَ: وَمَا بَقِيَ مِنَ النَّاسِ أحَدٌ أعْلَمُ بِهِ مِنِّي. كانَتْ فاطِمَةُ، علَيْها السَّلَامُ تَغْسلُ الدَّمَ عنْ وَجْهِهِ وعليٌّ يَأْتِي بالماءِ علَى تُرْسِهِ فأُخِذَ حَصِيرٌ فَحُرِّقَ فَحُشِيَ بِهِ جُرْحُهُ.
وَجه الْمُطَابقَة بَين هَذِه الْآيَة وَبَين الحَدِيث إِنَّمَا يظْهر من قَوْله: {إِلَّا لبعولتهن أَو آبائهن} وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَأَبُو حَازِم هُوَ سَلمَة بن دِينَار.
والْحَدِيث قد مر فِي كتاب الطَّهَارَة فِي: بَاب غسل الْمَرْأَة الدَّم عَن وَجه أَبِيهَا، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن مُحَمَّد بن سُفْيَان إِلَى آخِره.
قَوْله: (فَحرق) وَفِي الأَصْل فَأحرق من بَاب الْأَفْعَال، وَحرق من بَاب التفعيل على صِيغَة الْمَجْهُول، وَبَقِيَّة الْكَلَام قد مرت هُنَاكَ.
٤٢١ - (بَاب { (٢٤) وَالَّذين لم يبلغُوا الْحلم مِنْكُم} (النُّور: ٨٥)
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله عز وَجل: {وَالَّذين لم يبلغُوا الْحلم مِنْكُم} (النُّور: ٨٥) وَقَبله: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لِيَسْتَأْذِنكُم الَّذين ملكت أَيْمَانكُم وَالَّذين لم يبلغُوا الْحلم مِنْكُم ثَلَاث مَرَّات} إِلَى قَوْله: {وَالله عليم حَكِيم} (النُّور: ٨٥) وَفِي (تَفْسِير النَّسَفِيّ) : عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غُلَاما من الْأَنْصَار يُقَال لَهُ مُدْلِج بن عَمْرو إِلَى عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَقت الظهيرة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute