وجوب تَعْظِيم أهل بدر والذب عَنْهُم. وَفِيه: أَن الصَّبْر الْجَمِيل فِيهِ الْغِبْطَة والعزة فِي الدَّاريْنِ. وَفِيه: ترك الْحَد لما يخْشَى من تَفْرِيق الْكَلِمَة، كَمَا ترك رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حد ابْن سلول. وَفِيه: أَن الِاعْتِرَاف بِمَا يَشَاء من الْبَاطِل لَا يحل. وَفِيه: أَن الْوَحْي مَا كَانَ يَأْتِيهِ مَتى أَرَادَ، لبَقَائه شهرا لم يوحَ إِلَيْهِ. وَفِيه: جَوَاز تحلي النِّسَاء بِالذَّهَب وَالْفِضَّة واللؤلؤ والخرز وَنَحْوهَا. وَفِيه: حُرْمَة التشكيك فِي تبرئة عَائِشَة من الْإِفْك. وَفِيه: أَن العصبية تنقل عَن إسم، كَمَا قَالَت: وَكَانَ قبل ذَلِك رجلا صَالحا. وَفِيه: الْكَشْف والبحث عَن الْأَخْبَار الْوَارِدَة، إِن كَانَ لَهَا نَظَائِر، أم لَا، لسؤاله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بَرِيرَة وَأُسَامَة وَزَيْنَب وَغَيرهم من بطانته عَن عَائِشَة وَعَن سَائِر أفعالها، وَمَا يغمص عَلَيْهَا، وَالْحكم بِمَا يظْهر من الْأَفْعَال على اقيل، وَذكر ابْن مرْدَوَيْه فِي (تَفْسِيره) من حَدِيث يُونُس بن بكير عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة: سَأَلَ، يَعْنِي، رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، جَارِيَة لي سَوْدَاء، فَقَالَ: (أَخْبِرِينَا بِمَا علمك بعائشة. .) فَذكرت الْعَجِين، وَمَعَهُ نَاس، فأداروها حَتَّى فطنت. فَقَالَت: سُبْحَانَ الله! وَالله مَا أعلم على عَائِشَة إلَاّ مَا يعلم الصَّائِغ على تبر الذَّهَب الْأَحْمَر. وَفِي لفظ: جَارِيَة نوبية، وَهَذِه الْفَوَائِد مَا تنيف على سِتِّينَ فَائِدَة، وَالله هُوَ الْمُسْتَعَان.
٦١ - (بابٌ إذَا زَكَّى رَجُلٌ رجُلاً كَفَاهُ)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ إِذا زكى رجل رجلا كَفاهُ أَي: كفى رجلا الَّذِي هُوَ المزكَّى، بِفَتْح الْكَاف، يَعْنِي لَا يحْتَاج إِلَى آخر مَعَه، وَقد ذكر فِي أَوَائِل الشَّهَادَات: بَاب تَعْدِيل كم يجوز، فتوقف فِي جَوَابه، وَهَهُنَا صرح بالأكتفاء بِالْوَاحِدِ، وَفِيه خلاف: فَعِنْدَ مُحَمَّد بن الْحسن: يشْتَرط إثنان كَمَا فِي الشَّهَادَة، وَهُوَ الْمُرَجح عِنْد الشَّافِعِيَّة والمالكية، وَاخْتَارَهُ الطَّحَاوِيّ. وَعند أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف: يكْتَفى بِوَاحِد، والاثنان أحب، وَكَذَا الْخلاف فِي الرسَالَة والترجمة.
وَقَالَ أَبُو جَمِيلَةَ وجَدْتُ مَنْبُوذاً فلَمَّا رَآنِي عُمَرُ قَالَ عَسَى الغُوَيْرُ بُؤساً كأنَّهُ يَتَّهِمُنِي قَالَ عَرِيفي أنَّهُ رَجُلٌ صَالح قَالَ كذَلِكَ اذْهَبْ وعَلَيْنَا نَفَقَتُهُ
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (قَالَ عريفي أَنه رجل صَالح، قَالَ كَذَلِك اذْهَبْ) ، فَإِنَّهُ يدل على أَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قبل تَزْكِيَة الْوَاحِد وَاكْتفى بِهِ، وَأَبُو جميلَة، بِفَتْح الْجِيم وَكسر الْمِيم: واسْمه سِنِين، بِضَم السِّين الْمُهْملَة وبنونين أولاهما مَفْتُوحَة مُخَفّفَة بَينهمَا يَاء آخر الْحُرُوف، كَذَا ضَبطه عبد الْغَنِيّ بن سعيد وَالدَّارَقُطْنِيّ وَابْن مَاكُولَا، وَقَالَ بَعضهم: وَوهم من شدد التحتانة كالداودي. قلت: كَيفَ ينْسب الدَّاودِيّ إِلَى الْوَهم وَلم ينْفَرد هُوَ بِالتَّشْدِيدِ، فَإِن البُخَارِيّ ذكر فِي (تَارِيخه) كَانَ ابْن عُيَيْنَة وَسليمَان بن كثير يثقلان سنيناً، وَاقْتصر عَلَيْهِ ابْن التِّين، وَهَذَا التَّعْلِيق رَوَاهُ البُخَارِيّ عَن إِبْرَاهِيم بن مُوسَى: حَدثنَا هِشَام عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن سِنِين أبي جميلَة، وَأَنه أدْرك النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَخرج مَعَه عَام الْفَتْح، وَأَنه الْتقط مَنْبُوذًا، فَأتى عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَسَأَلَهُ عَنهُ فَأثْنى عَلَيْهِ خيرا، وَأنْفق عَلَيْهِ من بَيت المَال، وَجعل ولاءه لَهُ. وَقَالَ الْكرْمَانِي: أَبُو جميلَة سِنِين، وَقيل: ميسرَة ضد الميمنة ابْن يَعْقُوب الطهوي، بِضَم الطَّاء وَفتح الْهَاء، وَقيل: بسكونها، وَقد يفتحون الطَّاء مَعَ سُكُون الْهَاء، فَفِيهِ ثَلَاث لُغَات، ورد عَلَيْهِ: بِأَن أَبَا جميلَة الَّذِي ذكره وترجمه لَيْسَ بِأبي جميلَة الْمَذْكُور فِي البُخَارِيّ، فَإِنَّهُ تَابِعِيّ طهوي كُوفِي، وَذَاكَ صَحَابِيّ عِنْد الْأَكْثَرين، وَإِن كَانَ الْعجلِيّ ذكره من التَّابِعين واسْمه سِنِين بن فرقد. وَقَالَ ابْن سعد: هُوَ سلمي، وَقَالَ غَيره: هُوَ ضمري، وَقيل: سليطي. وَذكره الذَّهَبِيّ فِي (الصَّحَابَة) وَقَالَ: أَبُو جميلَة سِنِين السّلمِيّ، أدْرك النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَحَدِيثه فِي التِّرْمِذِيّ روى عَنهُ الزُّهْرِيّ. قلت: تفرد الزُّهْرِيّ بالرواية عَنهُ. قَوْله: (وجدت مَنْبُوذًا) ، بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون النُّون وَضم الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْوَاو وَفِي آخِره ذال مُعْجمَة، وَمَعْنَاهُ: اللَّقِيط. قَوْله: (فَلَمَّا رأى عمر) ، أَي: فَلَمَّا رَآهُ عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: (قَالَ: عَسى الغوير أبؤساً) كَذَا وَقع فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عَن الْكشميهني، وَسقط فِي رِوَايَة البَاقِينَ، وَكَذَا رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فَقَالَ: حَدثنَا ابْن علية عَن الزُّهْرِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه سمع سنيناً أَبَا جميلَة يَقُول: وجدت مَنْبُوذًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute