أَي هَذَا بَاب فِي بَيَان إسباغ الْوضُوء والإسباغ مصدر أَسْبغ وثلاثيه من سبغت النِّعْمَة تسبغ سبوغا أَي اتسعت وَقَالَ اللَّيْث كل شَيْء طَال إِلَى الأَرْض فَهُوَ سابغ وأسبغ الله عَلَيْهِ النِّعْمَة أَي أتمهَا قَالَ الله تَعَالَى {وأسبغ عَلَيْكُم نعمه ظَاهِرَة وباطنة} وإسباغ الْوضُوء إبلاغه موَاضعه وإيفاء كل عُضْو حَقه والتركيب يدل على تَمام الشَّيْء وكماله وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبَابَيْنِ من حَيْثُ أَن الْمَذْكُور فِي الْبَاب الأول تَخْفيف الْوضُوء وَالْمَذْكُور فِي هَذَا الْبَاب مَا يُقَابله صُورَة وَإِن كَانَ لَا بُد فِي التَّخْفِيف من الإسباغ أَيْضا كَمَا ذَكرْنَاهُ (وَقَالَ ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا إسباغ الْوضُوء الإنقاء) هَذَا تَعْلِيق أخرجه عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه مَوْصُولا بِإِسْنَاد صَحِيح وَأَشَارَ بِهِ إِلَى أَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا فسر الإسباغ بالإنقاء فَإِن قلت قد مر أَن الإسباغ فِي اللُّغَة الْإِتْمَام والاتساع قلت هَذَا من بَاب تَفْسِير الشَّيْء بلازمه إِذْ الْإِتْمَام يسْتَلْزم الإنقاء عَادَة وَالدَّلِيل عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ ابْن الْمُنْذر بِإِسْنَاد صَحِيح أَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا كَانَ يغسل رجلَيْهِ فِي الْوضُوء سبع مَرَّات فَإِنَّهُ كَانَ يقْصد بذلك الإنقاء فَإِن قلت لم اقْتصر فِي ذَلِك على الرجلَيْن قلت لِأَنَّهُمَا مَحل الأوساخ غَالِبا لاعتيادهم الْمَشْي حُفَاة بِخِلَاف بَقِيَّة الْأَعْضَاء فَإِن قلت مَا وَجه ذَلِك وَقد مر أَن الزِّيَادَة على الثَّلَاث ظلم وتعد قلت قد ذكرنَا أَن وَجه ذَلِك فِيمَن لم ير الثَّلَاث سنة وَأما إِذا رَآهَا وَزَاد على أَنه من بَاب الْوضُوء على الْوضُوء يكون نورا على نور
٥ - (حَدثنَا عبد الله بن مسلمة عَن مَالك عَن مُوسَى بن عقبَة عَن كريب مولى ابْن عَبَّاس عَن أُسَامَة بن زيد رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه سَمعه يَقُول دفع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من عَرَفَة حَتَّى إِذا كَانَ بِالشعبِ نزل فَبَال ثمَّ تَوَضَّأ وَلم يسبغ الْوضُوء فَقلت الصَّلَاة يَا رَسُول الله فَقَالَ الصَّلَاة أمامك فَركب فَلَمَّا جَاءَ الْمزْدَلِفَة نزل فَتَوَضَّأ فأسبغ الْوضُوء ثمَّ أُقِيمَت الصَّلَاة فصلى الْمغرب ثمَّ أَنَاخَ كل إِنْسَان بعيره فِي منزله ثمَّ أُقِيمَت الْعشَاء فصلى وَلم يصل بَينهمَا) مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة فِي قَوْله فَتَوَضَّأ وأسبغ الْوضُوء فَإِن قلت الْمَذْكُور فِيهِ شَيْئَانِ الإسباغ وَتَركه فَمَا الْمُرَجح فِي تبويب التَّرْجَمَة على الإسباغ قلت لِأَنَّهُ بوب الْبَاب السَّابِق فِي تَخْفيف الْوضُوء فَتعين أَن يكون الْبَاب الَّذِي يتلوه فِي الإسباغ. (بَيَان رِجَاله) وهم خَمْسَة الأول عبد الله بن مسلمة بِفَتْح الميمين وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة القعْنبِي وَقد مر الثَّانِي الإِمَام مَالك رَحمَه الله الثَّالِث مُوسَى بن عقبَة بن أبي عَيَّاش أَبُو مُحَمَّد الْمدنِي مولى الزبير بن الْعَوام وَيُقَال مولى أم خَالِد زَوْجَة الزبير القريشي أَخُو مُحَمَّد وَإِبْرَاهِيم وَكَانَ إِبْرَاهِيم أكبر من مُوسَى روى عَن كريب وَأم خَالِد الصحابية وَغَيرهمَا وَعنهُ مَالك والسفيانان وَغَيرهم وَكَانَ من الْمُفْتِينَ الثِّقَات مَاتَ سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَمِائَة ومغازيه أصح الْمَغَازِي كَمَا قَالَه مَالك وَغَيره وَلَيْسَ فِي الْكتب السِّتَّة من اسْمه مُوسَى بن عقبَة غَيره الرَّابِع كريب وَقد تقدم عَن قريب الْخَامِس أُسَامَة بِضَم الْهمزَة بن زيد بن حَارِثَة بن شرَاحِيل الْكَلْبِيّ الْمدنِي الْحبّ ابْن الْحبّ وَكَانَ نقش خَاتمه حب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ مولى النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَابْن حاضنته ومولاته أم أَيمن اسْتَعْملهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ ابْن ثَمَانِي عشرَة سنة وَقبض النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَهُوَ ابْن عشْرين روى لَهُ مائَة حَدِيث وَثَمَانِية وَعِشْرُونَ حَدِيثا اتفقَا على خَمْسَة عشر حَدِيثا وَانْفَرَدَ البُخَارِيّ بحديثين وَمُسلم بحديثين مَاتَ بوادي الْقرى سنة أَربع وَخمسين على الْأَصَح وَهُوَ ابْن خمس وَخمسين وَذكر الله أَبَاهُ زيدا فِي الْقُرْآن باسمه وَأُسَامَة بن زيد سِتَّة أحدهم هَذَا وَلَيْسَ فِي الصَّحَابَة من اسْمه أُسَامَة بن زيد سواهُ وَإِن كَانَ فيهم من اسْمه أُسَامَة الثَّانِي تنوخي روى عَن زيد بن أسلم وَغَيره الثَّالِث ليثي روى عَن نَافِع وَغَيره الرَّابِع مدنِي مولى عمر بن الْخطاب ضَعِيف الْخَامِس كَلْبِي روى عَن زُهَيْر بن مُعَاوِيَة وَغَيره السَّادِس شيرازي روى عَن أبي حَامِد الفضلي