ابْن عُيَيْنَة عَن أَيُّوب بن مُوسَى عَن نَافِع عَن ابْن عمر، قَالَ: اتخذ النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، خَاتمًا من ورق ثمَّ نقش عَلَيْهِ: مُحَمَّد رَسُول الله، ثمَّ قَالَ: لَا ينقش أحد على خَاتمِي هَذَا. وَأخرجه مُسلم عَن ابْن أبي شيبَة، وروى التِّرْمِذِيّ من حَدِيث أنس بن مَالك: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، صنع خَاتمًا من ورق، فنقش فِيهِ: مُحَمَّد رَسُول الله، ثمَّ قَالَ: لَا تنقشوا عَلَيْهِ. قَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث صَحِيح، وَمَعْنَاهُ أَنه نهى أَن ينقش أحد على خَاتمه: مُحَمَّد رَسُول الله، وروى التِّرْمِذِيّ أَيْضا من حَدِيث أنس: كَانَ نقش خَاتم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثَلَاثَة أسطر: مُحَمَّد سطر، وَرَسُول سطر، وَالله سطر. وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا على مَا سَيَأْتِي، وَقَالَ شَيخنَا، رَحمَه الله: نَهْيه، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَن ينقش أحد على نقش خَاتمه خَاص بحياته، وَيدل عَلَيْهِ لبس الْخُلَفَاء الْخَاتم بعده، ثمَّ تَجْدِيد عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، خَاتمًا آخر بعد فَقْدِ ذَلِك الْخَاتم فِي بِئْر أريس، وَنقش عَلَيْهِ ذَلِك النقش.
٩٣٩٢ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ يُوسُفَ قَالَ حدَّثنا اللَّيْثُ قَالَ حدَّثنِي عُقَيْلٌ عنِ ابنِ شِهِابٍ قَالَ أَخْبرنِي عُبَيْدُ الله بنُ عَبْدِ الله بنُ عُتْبَةَ أنَّ عَبْدَ الله بنَ عَبَّاسٍ أخْبَرَهُ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعَثَ بكِتَابِهِ إِلَى كِسْرَى فأمَرَهُ أنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ البَحْرَيْنِ يَدْفَعُهُ عَظِيمُ البَحْرَيْنِ إلَى كِسْرَى فلَمَّا قَرأهُ خَرَّقَهُ فحَسِبْتُ أنَّ سَعِيدَ بنَ المُسَيَّبِ قَالَ فدَعَا علَيْهِمْ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنْ يُمَزَّقُوا كُلَّ مُمَزَّقٍ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله:(بعث بكتابه إِلَى كسْرَى) وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة، وَعقيل، بِضَم الْعين وَفتح الْقَاف: ابْن خَالِد الْأَيْلِي، وَابْن شهَاب مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ. والْحَدِيث قد مر فِي كتاب الْعلم فِي: بَاب مَا يذكر فِي المناولة، وَكتاب أهل الْعلم بِالْعلمِ، إِلَى الْبلدَانِ، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله:(بعث بكتابه) ، كَانَ حَامِل الْكتاب عبد الله ببن حذاقة السَّهْمِي. قَوْله:(عَظِيم الْبَحْرين) ، كَانَ من تَحت يَد كسْرَى والبحرين تَثْنِيَة بَحر، مَوضِع بَين الْبَصْرَة وعمان. قَوْله:(خرقَة) ، بتَشْديد الرَّاء من التحريق، (فَدَعَا عَلَيْهِم النَّبِي أَن يمزَّقُوا) أَي: بِأَن يمزقوا، من التمزيق، يُقَال: مزقت الثَّوْب وَغَيره أمزقه تمزيقاً: إِذا قطعته خرقاً، وَمِنْه يُقَال: تمزق الْقَوْم: إِذا افْتَرَقُوا وَلما دَعَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذلك مَاتَ مِنْهُم أَرْبَعَة عشر ملكا فِي سنة، لن حَتَّى وليت أَمرهم امْرَأَة فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:(لن يفلح قوم وَلَو أَمرهم امْرَأَة) .
٢٠١ - (بابُ دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الإسْلَامِ والنُّبُوَّةِ وأنْ لَا يَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ أرْبَابَاً مِنْ دُونِ الله)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان دَعْوَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، النَّاس إِلَى الْإِسْلَام. قَوْله: والنبوة، أَي وبالدعاء أَيْضا إِلَى الِاعْتِرَاف بنبوته، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: وَأَن لَا يتَّخذ، أَي: الدُّعَاء أَيْضا بِأَن لَا يتَّخذ بَعضهم بَعْضًا أَرْبَابًا من دون الله، يَعْنِي: لَا يَقُولُونَ عُزَيْر ابْن الله، وَلَا الْمَسِيح ابْن الله، لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا بشر مثلكُمْ فَلَا يصلحان أَن يَكُونَا فِي مَسْلَك الربوبية.