للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الله تَعَالَى عَنْهُمَا يَقُولُ قَدِمَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعا وصَلَّى خَلْفَ المَقَامِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ إلَى الصَّفا وقَدْ قَالَ الله تَعَالَى {لقَدْ كانَ لكُمْ فِي رسولِ الله أسوةٌ حسَنَةٌ} (الْأَحْزَاب: ٣٢) ..

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَرِجَاله قد تكَرر ذكرهم. وَقد مضى هَذَا الحَدِيث فِي بَاب قَول الله عز وَجل: {وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مصلى} (الْبَقَرَة: ٥٢١) . عَن الْحميدِي عَن سُفْيَان عَن عَمْرو بن دِينَار الحَدِيث، وَقد مضى أَيْضا قبل هَذَا ببابين، وَالْمقَام حجر، وَقَالَ مَالك فِي (الْعُتْبِيَّة) : سَمِعت أهل الْعلم يَقُولُونَ: إِن إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ السَّلَام، قَامَ بِهَذَا الْمقَام، فيزعمون أَن ذَلِك أثر مقَامه، فَأوحى الله عز وَجل إِلَى أَن تفرج عَنهُ حَتَّى يرى أثر الْمَنَاسِك.

٣٧ - (بابُ الطَّوَافِ بَعْدَ الصُّبْحِ والْعَصْرِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم الطّواف بعد صَلَاة الصُّبْح وَبعد صَلَاة الْعَصْر، هَذَا تَقْدِير الْكَلَام بِحَسب الظَّاهِر، وَلَكِن يقدر هَكَذَا: بَاب فِي بَيَان حكم الصَّلَاة عقيب الطّواف بعد صَلَاة الصُّبْح وَبعد صَلَاة الْعَصْر، وَإِن لم يقدر. هَكَذَا لَا تقع الْمُطَابقَة بَين التَّرْجَمَة وَبَين أَحَادِيث الْبَاب، وَإِنَّمَا أطلق وَلم يبين الحكم لوُرُود الْآثَار الْمُخْتَلفَة فِي هَذَا الْبَاب، وَقَالَ بَعضهم: وَيظْهر من صَنِيعه أَنه يخْتَار التَّوسعَة. وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى مَا رَوَاهُ الشَّافِعِي وَأَصْحَاب السّنَن، وَصَححهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن خُزَيْمَة وَغَيره من حَدِيث جُبَير بن مطعم: أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: (يَا بني عبد منَاف، من ولي مِنْكُم من أَمر النَّاس شَيْئا فَلَا يمنعن أحدا طَاف بِهَذَا الْبَيْت وَصلى أَي سَاعَة شَاءَ من ليل أَو نَهَار) . وَإِنَّمَا لم يُخرجهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ على شَرطه. انْتهى. قلت: لَيْت شعري من أَيْن يظْهر صَنِيعه بذلك، والترجمة مُطلقَة، وَمن أَيْن علم أَنه أَشَارَ إِلَى مَا رَوَاهُ الشَّافِعِي، رَحمَه الله؟ وَمن أَيْن علم أَنه وقف على حَدِيث جُبَير بن مطعم حَتَّى اعتذر عَنهُ بِأَنَّهُ لم يُخرجهُ لعدم شَرطه؟

وكانَ ابنُ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا يُصَلِّي رَكْعَتَيِ الطُّوَاف مَا لَمْ تَطْلُعِ الشِّمْسُ

مطابقته للتَّرْجَمَة إِنَّمَا تتَوَجَّه من حَيْثُ التَّقْدِير الَّذِي قدرناه آنِفا. وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله سعيد بن مَنْصُور من طَرِيق عَطاء أَنهم صلوا الصُّبْح فغلس وَطَاف ابْن عمر بعد الصُّبْح سبعا، ثمَّ الْتفت، إِلَى أفق السَّمَاء، فَرَأى أَن عَلَيْهِ غلسا. قَالَ: فاتبعته حَتَّى أنظر أَي شَيْء يصنع، فصلى رَكْعَتَيْنِ. قَالَ: وَحدثنَا دَاوُد الْعَطَّار عَن عَمْرو بن دِينَار وَرَأَيْت ابْن عمر طَاف سبعا بعد الْفجْر، وَصلى رَكْعَتَيْنِ وَرَاء الْمقَام. انْتهى. وَبِهَذَا قَالَ عَطاء وطاووس وَالقَاسِم وَعُرْوَة بن الزبير وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق، وَذهب مُجَاهِد وَسَعِيد بن جُبَير وَالْحسن الْبَصْرِيّ وَالثَّوْري وَأَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَمَالك فِي رِوَايَة إِلَى كَرَاهَة الصَّلَاة للطَّواف بعد الْعَصْر حَتَّى تغرب الشَّمْس، وَبعد الصُّبْح حَتَّى تطلع الشَّمْس، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بِعُمُوم حَدِيث عقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ، قَالَ: (ثَلَاث سَاعَات كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَهَانَا أَن نصلي فِيهِنَّ) الحَدِيث، وَقد مر فِي: مَوَاقِيت الصَّلَاة، وَمَعَ هَذَا روى الطَّحَاوِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح عَن ابْن عمر خلاف مَا علقه البُخَارِيّ. قَالَ: حَدثنَا ابْن خُزَيْمَة حَدثنَا حجاج حَدثنَا همام حَدثنَا نَافِع أَن ابْن عمر قدم عِنْد صَلَاة الصُّبْح فَطَافَ وَلم يصلِّ إلَاّ بَعْدَمَا طلعت الشَّمْس، وَقَالَ سعيد بن أبي عرُوبَة فِي (الْمَنَاسِك) عَن أَيُّوب عَن نَافِع: أَن ابْن عمر كَانَ لَا يطوف بعد صَلَاة الْعَصْر وَلَا بعد صَلَاة الصُّبْح، وَأخرجه ابْن الْمُنْذر أَيْضا من طَرِيق حَمَّاد عَن أَيُّوب أَيْضا، من طَرِيق أُخْرَى عَن نَافِع: كَانَ ابْن عمر إِذا طَاف بعد الصُّبْح لَا يُصَلِّي حَتَّى تطلع الشَّمْس، وَإِذا طَاف بعد الْعَصْر لَا يُصَلِّي حَتَّى تغرب الشَّمْس. فَإِن قلت: روى الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي (سنَنَيْهِمَا) من رِوَايَة سعيد بن سَالم القداح عَن عبد الله بن المؤمل المَخْزُومِي عَن حميد مولى عفراء عَن قيس بن سعيد عَن مُجَاهِد، قَالَ: قدم أَبُو ذَر فَأخذ بِعِضَادَةِ بَاب الْكَعْبَة، ثمَّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: (لَا يصلين أحد بعد الصُّبْح حَتَّى تطلع الشَّمْس، وَلَا بعد الْعَصْر حَتَّى تغرب الشَّمْس، إلَاّ بِمَكَّة) . فَهَذَا يرد عُمُوم النَّهْي عَن الصَّلَاة فِي الْأَوْقَات الْمَكْرُوهَة. قلت: عبد الله بن المؤمل ضَعِيف، وَمُجاهد لم يسمع من أبي ذَر. فَإِن قلت: روى الطَّبَرَانِيّ فِي (الْأَوْسَط) من حَدِيث عَطاء (عَن ابْن عَبَّاس: أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: يَا بني عبد منَاف! يَا بني عبد الْمطلب إِن وليتم هَذَا الْأَمر فَلَا تمنعوا أحدا طَاف بِهَذَا الْبَيْت فصلى أَي سَاعَة شَاءَ من ليل أَو نَهَار) . قلت: قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>