وَقَالَ الرَّوْيَانِيّ أَكْثَرهَا ثنتا عشرَة حَكَاهُ الرَّافِعِيّ عَنهُ وَجزم بِهِ فِي الْمُحَرر وَتَبعهُ النَّوَوِيّ فِي الْمِنْهَاج وَخَالف ذَلِك فِي شرح الْمُهَذّب فَحكى عَن الْأَكْثَرين أَنه أَكْثَرهَا ثَمَان رَكْعَات وَقَالَ فِي الرَّوْضَة أفضلهَا ثَمَان وأكثرها ثنتا عشرَة فَفرق بَين الْأَفْضَل وَالْأَكْثَر وَفِيه نظر من حَيْثُ أَن من صلى ثَمَان رَكْعَات فق فعل الْأَفْضَل فكونه يُصَلِّي بعد ذَلِك رَكْعَتَيْنِ أَو أَرْبعا يكون ذَلِك مفضولا وَينْقص من أجره الْمُتَقَدّم وَهَذَا فِي غَايَة الْبعد. الْفَصْل الثَّانِي فِي أَن صَلَاة الضُّحَى مُسْتَحبَّة وَقيل كَانَت وَاجِبَة على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَيَردهُ حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا مَا رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يسبح سبْحَة الضُّحَى وَقيل كَانَت من خَصَائِصه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ورد بِأَن ذَلِك لم يثبت بِخَبَر صَحِيح. وَاخْتلف الْعلمَاء هَل الْأَفْضَل الْمُوَاظبَة عَلَيْهَا أَو فعلهَا فِي وَقت وَتركهَا فِي وَقت فَالظَّاهِر الأول لعُمُوم الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة من قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أحب الْعَمَل إِلَى الله تَعَالَى مَا داوم صَاحبه عَلَيْهِ وَإِن قل " وَنَحْو ذَلِك وروى الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من حَدِيث أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ " إِن فِي الْجنَّة بَابا يُقَال لَهُ الضُّحَى فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة نَادَى مُنَاد أَيْن الَّذين كَانُوا يديمون صَلَاة الضُّحَى هَذَا بَابَكُمْ فادخلوه برحمة الله " وروى ابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لَا يحافظ على صَلَاة الضُّحَى إِلَّا أواب قَالَ وهذي صَلَاة الْأَوَّابِينَ " وَذهب بَعضهم إِلَى أَن الْأَفْضَل أَن لَا يواظب عَلَيْهَا لحَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ الَّذِي مضى وَحَكَاهُ صَاحب الأكمال عَن جمَاعَة ورد بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يحب الْعَمَل ويتركه مَخَافَة أَن يفْرض على أمته وَقد روى الْبَزَّار من حَدِيث أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ لَا يتْرك صَلَاة الضُّحَى فِي سفر وَلَا غَيره لكنه ضَعِيف الْفَصْل الثَّالِث اسْتدلَّ بِحَدِيث أم هانىء على اسْتِحْبَاب التَّخْفِيف فِي صَلَاة الضُّحَى لقولها " مَا رَأَيْته صلى صَلَاة قطّ أخف مِنْهَا " ورد أَن التَّخْفِيف فِيهَا كَانَ لأجل اشْتِغَاله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بمهمات الْفَتْح من مَجِيئه إِلَى الْمَسْجِد وخطبته وَأمره بقتل من أَمر بقتْله وَقد روى ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه من حَدِيث حُذَيْفَة " أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى الضُّحَى ثَمَانِي رَكْعَات طول فِيهِنَّ " الْفَصْل الرَّابِع فِيمَا يقْرَأ فِيهَا روى الْحَاكِم من حَدِيث أبي الْخَيْر عَن عقبَة بن عَامر قَالَ " أمرنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن نصلي الضُّحَى بالشمس وَضُحَاهَا وَالضُّحَى " الْفَصْل الْخَامِس فِي وَقتهَا يدْخل وَقتهَا من أول النَّهَار بِطُلُوع الشَّمْس لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لَا يعجزني من أَربع رَكْعَات من أول النَّهَار " وَحكى النَّوَوِيّ فِي الرَّوْضَة أَن وَقت الضُّحَى يدْخل بِطُلُوع الشَّمْس وَلكنه يسْتَحبّ تَأْخِيرهَا إِلَى ارْتِفَاع الشَّمْس وَخَالف ذَلِك فِي شرح الْمُهَذّب وَحكى فِيهِ عَن الْمَاوَرْدِيّ أَن وَقتهَا الْمُخْتَار إِذا مضى ربع النَّهَار وَجزم بِهِ فِي التَّحْقِيق وروى الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث زيد بن أَرقم أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مر بِأَهْل قبَاء وهم يصلونَ الضُّحَى حِين أشرقت الشَّمْس فَقَالَ صَلَاة الْأَوَّابِينَ إِذا رمضت الفصال وَهَذَا يدل على جَوَاز صَلَاة الضُّحَى عِنْد الْإِشْرَاق لِأَنَّهُ لم ينههم عَن ذَلِك وَلَكِن أعلمهم أَن التَّأْخِير إِلَى شدَّة الْحر صَلَاة الْأَوَّابِينَ قَوْله " إِذا رمضت الفصال " هُوَ أَن تحمى الرمضاء وَهِي الرمل فتبرك الفصال من شدَّة حرهَا وإحراقها أخفافها
(بَاب من لم يصل الضُّحَى وَرَآهُ وَاسِعًا)
أَي هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم من ترك صَلَاة الضُّحَى وَرَآهُ أَي وَرَأى الضُّحَى أَي صَلَاة الضُّحَى قَوْله " وَاسِعًا " أَي غير لَازم وانتصابه على أَنه مفعول ثَان لرَأى
٢٠٣ - (حَدثنَا آدم قَالَ حَدثنَا ابْن أبي ذِئْب عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت مَا رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سبح سبْحَة الضُّحَى وَإِنِّي لأسبحها) مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وآدَم هُوَ ابْن أبي إِيَاس واسْمه عبد الرَّحْمَن وَقيل غير ذَلِك وَابْن أبي ذِئْب بِكَسْر الذَّال الْمُعْجَمَة هُوَ مُحَمَّد بن الْمُغيرَة بن الْحَارِث بن أبي ذِئْب وَاسم أبي ذِئْب هِشَام الْقرشِي العامري أَبُو الْحَارِث الْمدنِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute