تسع وَعِشْرُونَ لَيْلَة، أعدهن، دخل عَليّ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَت: بَدَأَ بِي، فَقلت يَا رَسُول الله! إِنَّك أَقْسَمت أَن لَا تدخل علينا شهرا وَإنَّك دخلت من تسع وَعشْرين أعدهن؟ قَالَ: إِن الشَّهْر تسع وَعِشْرُونَ) . مَعْنَاهُ: قد يكون تِسْعَة وَعشْرين، كَمَا صرح بِهِ فِي بعض الرِّوَايَات. ثمَّ اعْلَم أَن قَول أم سَلمَة: إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آلى من نِسَائِهِ شهرا، المُرَاد مِنْهُ الْحلف لَا الْإِيلَاء الشَّرْعِيّ، لِأَن الْإِيلَاء الشَّرْعِيّ هُوَ الْحلف على ترك قرْبَان امْرَأَته أَرْبَعَة أشهر أَو أَكثر، لقَوْله تَعَالَى:{للَّذين يؤلون من نِسَائِهِم تربص أَرْبَعَة أشهر}(الْبَقَرَة: ٦٢٢) . فَتكون مُدَّة الْإِيلَاء أَرْبَعَة أشهر من غير زِيَادَة وَلَا نُقْصَان، وروى ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) : حَدثنَا عَليّ بن مسْهر عَن سعيد ابْن عَامر الْأَحول عَن عَطاء (عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: إِذا آلى من امْرَأَته شهرا أَو شَهْرَيْن أَو ثَلَاثَة مَا لم يبلغ الْحَد فَلَيْسَ بإيلاء) . وَأخرج نَحوه عَن عَطاء وطاووس وَسَعِيد بن جُبَير وَالشعْبِيّ، وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: إِذا حلف لَا يقربهَا أَرْبَعَة أشهر لَا يكون موليا حَتَّى يزِيد مُدَّة الْمُطَالبَة، وَاشْترط مَالك زِيَادَة يَوْم، وَالْآيَة الْمَذْكُورَة حجَّة عَلَيْهِم، وَحكم الْإِيلَاء أَنه إِذا وَطئهَا فِي الْمدَّة كفَّر، لِأَنَّهُ حنث فِي يَمِينه، وَقَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ: لَا كَفَّارَة عَلَيْهِ، وَسقط الْإِيلَاء، وَإِن لم يَطَأهَا فِي الْمدَّة حَتَّى مَضَت بَانَتْ مِنْهُ بتطليقة وَاحِدَة، وَهُوَ قَول ابْن مَسْعُود وَابْن عمر وَابْن عَبَّاس وَعُثْمَان وَعلي، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَهُوَ قَول جُمْهُور التَّابِعين، وَفِيه فروع كَثِيرَة محلهَا كتب الْفِقْه.
١١٩١ - حدَّثنا عَبْدُ العَزهيزِ بنُ عَبدِ الله قَالَ حدَّثنا سُلَيْمانُ بنُ بِلَالٍ عنْ حُمَيْدٍ عنْ أنَسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ آلَى رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْ نِسائِهِ وكانَتِ انْفَكتْ رِجْلُهُ فأقامَ فِي مَشرَبَةٍ تِسعا وعِشْرِينَ لَيْلَةٍ ثُمَّ نَزَلَ فقالُوا يَا رسولَ الله آلَيْتَ شَهْرا فَقَالَ إنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعا وعِشْرِينَ..
مطابقته للتَّرْجَمَة مثل مَا ذكرنَا وَجههَا فِي الْحَدِيثين السَّابِقين، وَعبد الْعَزِيز بن عبد الله بن يحيى بن عمر، وَأَبُو الْقَاسِم الْقرشِي العامري الأويسي الْمدنِي، وَهُوَ من أَفْرَاده، وَحميد بِضَم الْحَاء الطَّوِيل أَبُو عُبَيْدَة الْبَصْرِيّ.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي النّذر عَن عبد الْعَزِيز الْمَذْكُور، وَفِي النِّكَاح عَن خَالِد بن مخلد، وَفِي الطَّلَاق عَن إِسْمَاعِيل عَن أَخِيه عبد الحميد.
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ شهرا عيد لَا ينقصان، والشهران هما: رَمَضَان وَذُو الْحجَّة، كَمَا فِي متن حَدِيث الْبَاب، وسنقول: وَجه إِطْلَاق شهر عيد على رَمَضَان مَعَ أَن الْعِيد من شَوَّال، وَهَذِه التَّرْجَمَة عين متن الحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن أبي بكرَة عَن أَبِيه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (شهرا عيد لَا ينقصان: رَمَضَان وَذُو الْحجَّة) . وَلم يذكر فِي التَّرْجَمَة: رَمَضَان وَذُو الْحجَّة.
قَالَ أبُو عَبْدِ الله قَالَ إسحَاقُ وإنْ كانَ ناقِصا