للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على النّصْف من رَأسه ثمَّ جرهما إِلَى مقدم رَأسه ثمَّ أعادهما إِلَى الْمَكَان الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ وجرهما إِلَى صدغيه) . وَعند أبي دَاوُد من حَدِيث أنس: (أَدخل يَده من تَحت الْعِمَامَة فَمسح بِمقدم رَأسه) . وَفِي كتاب ابْن السكن: (فَمسح بَاطِن لحيته وَقَفاهُ) . وَفِي (مُعْجم) الْبَغَوِيّ وَكتاب ابْن ابي خَيْثَمَة: (مسح رَأسه إِلَى سالفته) . وَفِي كتاب النَّسَائِيّ عَن عَائِشَة، ووصفت وضوءه، عَلَيْهِ السَّلَام، وَوضعت يَدهَا فِي مقدم رَأسهَا ثمَّ مسحت إِلَى مؤخره، ثمَّ مدت بِيَدَيْهَا بأذنيها، ثمَّ مدت على الْخَدين. فَهَذِهِ أوجه كَثِيره يخْتَار المتوضىء أَيهَا شَاءَ، وَاخْتَارَ بعض أَصْحَابنَا رِوَايَة عبد الله بن زيد. وَقَالَ بَعضهم: فِي قَوْله: بَدَأَ بِمقدم رَأسه، حجَّة على من قَالَ: السّنة أَن يبْدَأ بمؤخر الرَّأْس الى ان يَنْتَهِي الى مقدمه. قلت: لَا يُقَال: إِن مثل هَذَا حجَّة عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ ورد فِيهِ الْأَوْجه الَّتِي ذَكرنَاهَا الْآن، وَالَّذِي قَالَ: السّنة أَن يبْدَأ بمؤخر الرَّأْس اخْتَار الْوَجْه الَّذِي فِيهِ البداء بمؤخر الرَّأْس، وَله أَيْضا أَن يَقُول: هَذَا الْوَجْه حجَّة عَلَيْك أَيهَا الْمُخْتَار فِي الْبدَاءَة بالمقدم.

التَّاسِع: فِيهِ غسل الرجلَيْن إِلَى الْكَعْبَيْنِ، وَالْكَلَام فِيهِ كَالْكَلَامِ فِي الْمرْفقين.

الْعَاشِر: فِيهِ جَرَيَان التلطف بَين الشَّيْخ وتلميذه فِي قَوْله: (أتستطيع أَن تريني) إِلَى آخِره.

الْحَادِي عشر: فِيهِ جَوَاز الِاسْتِعَانَة فِي إِحْضَار المَاء من غير كَرَاهَة.

الثَّانِي عشر: فِيهِ التَّعْلِيم بِالْفِعْلِ.

الثَّالِث عشر: فِيهِ أَن الاغتراف من المَاء الْقَلِيل لَا يصير المَاء مُسْتَعْملا، لِأَن فِي رِوَايَة وهيب وَغَيره: ثمَّ أَدخل يَده.

الرَّابِع عشر: فِيهِ اسْتِيعَاب مسح الرَّأْس، وَلَكِن سنة لَا فرضا، كَمَا قَرَّرْنَاهُ.

الْخَامِس عشر: فِيهِ الِاقْتِصَار فِي مسح الرَّأْس على مرّة وَاحِدَة.

٣٩ - (بابُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ إلَى الكعْبَيْنِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان غسل الرجلَيْن إِلَى الْكَعْبَيْنِ فِي الْوضُوء. والمناسبة بَين الْبَابَيْنِ ظَاهِرَة.

١٨٦ - حدّثنا مُوسَى بْنُ إسْماعِيلَ قَالَ حدّثنا وُهَيْبٌ عَنْ عَمْرٍ عَنْ أبِيهِ شَهدْتُ عَمْرَو بنَ أبي حَسَنٍ سَألَ عَبْدَ اللَّهِ بنَ زَيْدٍ عَنْ وُضُوءِ النَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَدَعَا بِتَوْرٍ مِنْ ماءٍ فَتَوَضَّأَ لَهُمْ وُضُوءَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاكْفَأَ علَى يَدِهِ مِنَ النَّوْرِ فَغَسَلَ يَدَيْه ثَلاثاً ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي النَّوْرِ فَمَضْمَضَ واسْتَنْشَقَ واسْتَنْثَرَ ثَلاثَ غَرَفاتٍ ثُمَّ أدْخَلَ يَدَهِ فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثاً ثُمَّ غَسَلَ يدَيْهِ مَرَّتَيْنِ إِلَى المرْفَقَيْنِ ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَمَسَحَ رَأْسَهُ فَاقْبَلَ بِهِمَا وأدْبَرَ مرَّةً غَسَلَ رِجْلَيْهِ إِلَى الكَعْبَيْنِ..

مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، والمناسبة بَين الْبَابَيْنِ ظَاهِرَة، والأبحاث الْمُتَعَلّقَة بِهِ قد ذَكرنَاهَا فِي الحَدِيث السَّابِق، وَنَذْكُر هَهُنَا الَّتِي لم نذْكر هُنَاكَ.

فَنَقُول: مُوسَى هُوَ ابْن إِسْمَاعِيل التَّبُوذَكِي، مر فِي كتاب الْوَحْي، ووهيب هُوَ ابْن خَالِد الْبَاهِلِيّ مر فِي بَاب من أجَاب الْفتيا، وَعمر وَهُوَ ابْن يحيى بن عمَارَة، شيخ مَالك الْمُتَقَدّم ذكره فِي الحَدِيث السَّابِق، وَعمر وَابْن أبي حسن، بِفَتْح الْحَاء، وَقَالَ الْكرْمَانِي: عَمْرو هَذَا جد عَمْرو بن يحيى. فَإِن قلت: تقدم أَن السَّائِل هُوَ جَده، وَهَذَا يدل على أَنه أَخُو جده، فَمَا وَجه الْجمع بَينهمَا؟ قلت: لَا مُنَافَاة فِي كَونه جَداً لَهُ من جِهَة الْأُم، عَمَّا لِأَبِيهِ. وَقَالَ بَعضهم: أغرب الْكرْمَانِي فَقَالَ: عَمْرو بن ابي حسن جد عَمْرو بن يحيى من قبل أمه، وَقدمنَا أَن أم عَمْرو بن يحيى لَيست بِنْتا لعَمْرو بن أبي حسن، فَلم يستقم مَا قَالَه بِالِاحْتِمَالِ. قلت: لم يغرب الْكرْمَانِي فِي ذَلِك، وَلَا قَالَه بِالِاحْتِمَالِ، فَإِن صَاحب (الْكَمَال) قَالَ ذَلِك، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ فِي الْبَاب الَّذِي مضى.

قَوْله: (بتور) ، بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَسُكُون الْوَاو وَفِي آخِره رَاء: هُوَ الطشت، وَقَالَ الْجَوْهَرِي: إِنَاء يشرب مِنْهُ. وَقَالَ الدَّرَاورْدِي: قدح. وَقيل: يشبه الطشت، وَقيل: مثل الْقدر يكون من صفر أَو حِجَارَة، وَفِي رِوَايَة عبد الْعَزِيز ابْن أبي سَلمَة عِنْد البُخَارِيّ فِي بَاب الْغسْل فِي المخضب والصفر، بِضَم الصَّاد الْمُهْملَة وَسُكُون الْفَاء: صنف من جيد النّحاس قيل: إِنَّه سمي بذلك لكَونه يشبه الذَّهَب، وَيُسمى أَيْضا: الشّبَه، بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَالْبَاء الْمُوَحدَة. قَوْله: (لَهُم) أَي: لأجلهم، وهم: السَّائِل وَأَصْحَابه. قَوْله: (فأكفأ) فعل ماضٍ من الإكفاء، وَقد مر فِي الحَدِيث السَّابِق. قَوْله: (واستنشق واستنثر) قَالَ الْكرْمَانِي: هَذَا دَلِيل من قَالَ: إِن الاستنشار هُوَ غير الِاسْتِنْشَاق، وَهُوَ الصَّوَاب. قلت: قد ذكرنَا فِيمَا مضى عَن ابْن الْأَعرَابِي وَابْن قُتَيْبَة: أَن الِاسْتِنْشَاق والاستنثار وَاحِد، فان قلت: فعلى هَذَا يكون عطف الشَّيْء على نَفسه. قلت: لَا نسمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>