للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الذَّهَب ذهبة: وَالْمرَاد بالعسيلة هُنَا الْجِمَاع لَا الْإِنْزَال، وَقد جَاءَ ذَلِك مَرْفُوعا من حَدِيث عَائِشَة: أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: (الْعسيلَة: الْجِمَاع) . وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَفِي إِسْنَاده أَبُو عبد الْملك القمي يرويهِ عَن ابْن أبي مليكَة عَن عَائِشَة، وَقَالَ ابْن التِّين: يُرِيد الْوَطْء وحلاوة مَسْلَك الْفرج فِي الْفرج لَيْسَ المَاء. قَوْله: (وخَالِد بن سعيد بن الْعَاصِ) بن أُميَّة بن عبد شمس بن عب منَاف بن قصي الْقرشِي الْأمَوِي، يكنى: أَبَا سعيد: أسلم قَدِيما، يُقَال: إِنَّه أسلم بعد أبي بكر الصّديق فَكَانَ ثَالِثا أَو رَابِعا. وَقيل: كَانَ خَامِسًا. وَقَالَ ضَمرَة بن ربيعَة: كَانَ إِسْلَام خَالِد مَعَ إِسْلَام أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، وَهَاجَر إِلَى الْحَبَشَة وَقدم على رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة خَيْبَر وَبَعثه على صدقَات الْيمن، فَتوفي رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بِالْيمن، قتل بمرج الصفر فِي الْوَقْعَة بِهِ سنة أَربع عشرَة فِي صدر خلَافَة عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَقيل: بل كَانَ قَتله فِي وقْعَة أجنادين بِالشَّام قبل وَفَاة أبي بكر بِأَرْبَع وَعشْرين لَيْلَة قَوْله: (أَلا تسمع إِلَى هَذِه) إِلَى آخِره، كَأَنَّهُ استعظم لَفظهَا بذلك. قَوْله: (تجْهر) ، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ: تهجر من الهجر، يَعْنِي تَأتي بالْكلَام الْقَبِيح.

وَمِمَّا يُسْتَفَاد مِنْهُ: أَن الرجل إِذا أَرَادَ أَن يُعِيد مطلقته بِالثلَاثِ، فَلَا بُد من زوج آخر يتَزَوَّج بهَا وَيدخل عَلَيْهَا. وأجمعت الْأمة على أَن الدُّخُول شَرط الْحل للْأولِ، وَلم يُخَالف فِي ذَلِك إلَاّ سعيد بن الْمسيب والخوارج والشيعة، وَدَاوُد الظَّاهِرِيّ، وَبشر المريسي، وَذَلِكَ اخْتِلَاف لَا خلاف لعدم استنادهم إِلَى دَلِيل، وَلِهَذَا لَو قضى بِهِ القَاضِي لَا ينفذ، وَالشّرط الْإِيلَاج دون الْإِنْزَال، وَشد الْحسن الْبَصْرِيّ فِي اشْتِرَاط الْإِنْزَال. وَفِيه: مَا قَالَه الْمُهلب: جَوَاز الشَّهَادَة على غير الْحَاضِر من وَرَاء الْبَاب والستر، لِأَن خَالِدا سمع قَول الْمَرْأَة وَهُوَ من وَرَاء الْبَاب، ثمَّ أنكرهُ عَلَيْهَا بِحَضْرَة النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَلم يُنكر عَلَيْهِ. وَفِيه: إِنْكَار فِي الأَصْل والجهر هُوَ الْمَعْقُول فِي القَوْل إلَاّ أَن يكون فِي حق لَا بُد لَهُ من الْبَيَان عِنْد الْحَاكِم. وَالله أعلم.

٤ - (بابٌ إذَا شَهِدَ شاهِدٌ أوْ شُهُودٌ بِشَيْءٍ فَقَالَ آخَرُونَ مَا عَلِمْنَا ذَلِكَ يُحْكَمْ بِقَوْلِ منْ شَهِدَ)

أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ إِذا شهد بقضية أَو شهد شُهُود بهَا، فَقَالَ جمَاعَة آخَرُونَ: مَا علمنَا بذلك، أَرَادَ بِهِ أَنهم نفوا مَا أثبت الشُّهُود الْأَولونَ. قَوْله: (يحكم بقوله من شهد) ، جَوَاب: إِذا، وَأَرَادَ بِهِ أَن الْإِثْبَات أولى من النَّفْي، لِأَن الْمُثبت أولى وأقدم من النَّافِي قَالَ بَعضهم: وَهُوَ وفَاق من أهل الْعلم. قلت: فِيهِ خلاف، فَقَالَ الْكَرْخِي: الْمُثبت أولى من النَّافِي، لِأَن الْمُثبت مُعْتَمد على الْحَقِيقَة فِي خَبره، فَيكون أقرب إِلَى الصدْق من النَّافِي الَّذِي يبْنى الْأَمر على الظَّاهِر، وَلِهَذَا قيل: الشَّهَادَة على الْإِثْبَات دون النَّفْي، وَلِأَن الْمُثبت يثبت أمرا زَائِدا لم يكن فَيُفِيد التأسيس، والنافي مبقِ لِلْأَمْرِ الأول، فَيُفِيد التَّأْكِيد، والتأسيس أولى. وَقَالَ عِيسَى بن أبان: يتعارض الْمُثبت والنافي فَلَا يتَرَجَّح أَحدهمَا على الآخر إلَاّ بِدَلِيل مُرَجّح، فلأجل هَذَا الِاخْتِلَاف ذكر أَصْحَابنَا فِي ذَلِك أصلا كلياً جَامعا يرجع إِلَيْهِ فِي تَرْجِيح أَحدهمَا، وَهُوَ أَن النَّفْي لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون من جنس مَا يعرف بدليله، بِأَن يكون مبناه على دَلِيل أَو من جنس مَا لَا يعرف بدليله، بإن يكون مبناه على الِاسْتِصْحَاب دون الدَّلِيل، أَو احْتمل الْوَجْهَانِ، فَالْأول مثل الْإِثْبَات فَيَقَع التَّعَارُض بَينهمَا لتساويهما فِي الْقُوَّة، فيطلب التَّرْجِيح، وَيعْمل بالراجح. وَالثَّانِي: لَيْسَ فِيهِ تعَارض، فالأخذ بالمثبت أولى، وَالثَّانِي ينظر فِي النَّفْي، فَإِن تبين أَنه مِمَّا يعرف بِالدَّلِيلِ يكون كالإثبات فيتعارضان، فيطلب التَّرْجِيح وَأَن تبين أَنه بِنَاء على الِاسْتِصْحَاب فالإثبات أولى، ولهذه الْأَقْسَام صور موضعهَا فِي الْأُصُول تركناها خوفًا من التَّطْوِيل.

وَقَالَ الحُمَيْدِيُّ هَذَا كَما أخْبَرَ بِلالٌ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلَّى فِي الكَعْبَةِ وَقَالَ الْفَضْلُ لَمْ يُصَلِّ فأخَذَ النَّاسُ بِشَهَادَةِ بِلالٍ

هَذَا من جملَة الصُّور الَّتِي ذكرنَا أَنَّهَا ثَلَاثَة أَقسَام، وَهُوَ من الْقسم الَّذِي لَا يعرف النَّفْي فِيهِ إلَاّ بِظَاهِر الْحَال، فَلَا يُعَارض الْإِثْبَات، فَلهَذَا أخذُوا بِشَهَادَة بِلَال: أَنه صلى فِي جَوف الْكَعْبَة عَام الْفَتْح، ورجحوا رِوَايَته على رِوَايَة الْفضل بن عَبَّاس: أَنه لم يصلِ، وَإِطْلَاق الشَّهَادَة على إِخْبَار بِلَال تجوز. فَإِن قلت: التَّرْجَمَة فِي قَول الآخرين مَا علمنَا ذَلِك، وَالَّذِي ذكره عَن

<<  <  ج: ص:  >  >>