مُبَاحَة لَيْسَ فِيهَا مَا يشبه نوح الْجَاهِلِيَّة من الْكَذِب وَنَحْوه. قَوْله: (واكرب أَبَاهُ) ، مَنْدُوب، وَالْألف ألف الندبة، وَالْهَاء هَاء السكت لأجل الْوَقْف، قَوْله: (لَيْسَ على أَبِيك كرب بعد الْيَوْم) ، يَعْنِي: لَا يُصِيبهُ بعد الْيَوْم نصب وَلَا يجد لَهُ كرباً إِذا ذَهَبْنَا إِلَى دَار الْكَرَامَة، قَوْله: (يَا أبتاه) أَصله: يَا أبي، وَالتَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق الَّتِي فِيهِ مبدلة من يَاء أبي، وَالْألف للندبة لمد الصَّوْت، وَالْهَاء للسكت. قَوْله: (من جنَّة الفردوس) ، وَمِيم كلمة: من، مَفْتُوحَة وَهِي مَوْصُولَة، و: جنَّة الفردوس، خَبره مقدما، أَي: مَأْوَاه خَبره أَي منزله وَقيل كلمة من بِكَسْر الْمِيم حرف جر فعلى هَذَا قَوْله (مَأْوَاه) مُبْتَدأ وَمن جنَّة الفردوس خَبره مقدما أَي كَائِن من جنَّة الفردوس، وَقَالَ بَعضهم: هَذَا أولى قلت: الأول أولى على مَا لَا يخفي على من يدقق نظره. قَوْله: (ننعاه) مضارع: نعى الْمَيِّت ينعاه نعياً ونعيّا بتَشْديد الْيَاء: إِذا ذاع مَوته وَأخْبر بِهِ وَإِذا نَدبه. وَقيل: الصَّوَاب نعاه يَعْنِي بِصِيغَة الْمَاضِي وَقَالَ بَعضهم: الأول موجه فَلَا معنى لتغليط الروَاة بِالظَّنِّ قلت: من نَص على أَن الروَاة رَوَوْهُ بِصِيغَة الْمُضَارع فَلم لَا يجوز أَن يكون ذَلِك من النساخ؟ قَوْله: (فَلَمَّا دفن قَالَت فَاطِمَة) ، هَذَا من رِوَايَة أنس عَن فَاطِمَة حَيْثُ قَالَت: (أطابت أَنفسكُم) الخ مَعْنَاهُ: كَيفَ طابت أَنفسكُم على حثو التُّرَاب عَلَيْهِ مَعَ شدَّة محبتكم لَهُ؟ وَسكت أنس عَن الْجَواب لَهَا رِعَايَة وتأدباً، وَلكنه أجَاب بِلِسَان الْحَال: قُلُوبنَا لم تطب بذلك وَلَكنَّا قهرنا على فعله امتثالاً لأَمره، وَالله أعلم.
٨٥ - (بابُ آخِرِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان آخر مَا تكلم بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد طُلُوع روحه الْكَرِيم.
٤٤٦٣ - ح دَّثنا بِشْرُ بنُ مُحَمَّدٍ حَدثنَا عبْدُ الله قَالَ يُونُسُ قَالَ الزُّهْريُّ أخبَرَني سَعِيدُ بنُ المُسَيَّبِ فِي رِجالٍ مِنْ أهْلِ العِلْمِ أنَّ عائِشَةَ قالَتْ كانَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ وهْوَ صحِيحٌ إنَّهُ لَمْ يُقْبَضْ نبيٌّ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الجَنَّةِ ثُمَّ يُخَيَّرَ فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ ورَأسُهُ عَلَى فَخِذِي غُشِيَ عليْهِ ثُمَّ أَفَاق فأشْخَصَ بَصَرَهُ إِلَى سَقْفِ البَيْتِ ثُمَّ قَالَ أللَّهُمَّ الرَّفِيق الأعْلَى فَقُلْتُ إِذا لَا يَخْتارُنا وعَرَفْتُ أنَّهُ الحَدِيثُ الَّذِي كانَ يُحَدِّثُنا بِهِ وهْوَ صَحِيحٌ قالَتْ فَكانَتْ آخرَ كَلِمَةٍ تَكلَّمَ بِها أللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأعْلَى. .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْلهَا: (فَكَانَت آخر كلمة) إِلَى آخِره، وَبشر بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة: ابْن مُحَمَّد أَبُو مُحَمَّد السّخْتِيَانِيّ الْمروزِي، وَعبد الله وَابْن الْمُبَارك.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي كتاب الرقَاق عَن يحيى بن بكير عَن اللَّيْث عَن عقيل عَن ابْن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب وَعُرْوَة بن الزبير فِي رجال من أهل الْعلم إِلَى آخِره وَفِي الدَّعْوَات عَن سعيد ابْن عفير، وَأخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن عبد الْملك بن شُعَيْب بن اللَّيْث عَن أَبِيه عَن جده.
قَوْله: (فِي رجال من أهل الْعلم) ، أَي: أَخْبرنِي فِي جملَة رجال مِنْهُم عُرْوَة بن الزبير، كَمَا فِي كتاب الرقَاق، أَو: أَخْبرنِي فِي حُضُور رجال. قَوْله: (وَهُوَ صَحِيح) ، جملَة حَالية، قَوْله: (ثمَّ يُخَيّر) ، على صِيغَة الْمَجْهُول من التَّخْيِير. قَوْله: (فَلَمَّا نزل بِهِ) ، أَي: فَلَمَّا صَار الْمَرَض نازلاً بِهِ، وَالرَّسُول منزولاً بِهِ. قَوْله: (الرفيق) بِالنّصب، أَي: اخْتَار الرفيق أَو أريده، وَتَفْسِيره قد مر.
٨٥ - (بابُ وفاةِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان وَفَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي أَي السنين، وَفِي بعض النّسخ: بَاب وَفَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَمَتى توفّي؟ وَابْن كم؟
٤٤٦٤ - ح دَّثنا أبُو نُعَيْمٍ حدَّثنا شَيْبانُ عنْ يَحْيَى عنْ أبي سَلَمَةَ عنْ عائِشَةَ وابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله عنهُمْ أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَبِثَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ القُرْآنُ وبالمَدِينَةِ عَشْراً. .
مطابقته للتَّرْجَمَة تدل بالإلتزام لَا بِالصَّرِيحِ، وَذَلِكَ أَن قَوْله: (وبالمدينة عشرا) يدل على أَنه توفّي عِنْد تَمام الْعشْر، فطابق