وَحدثنَا سُفْيانُ فَقَالَ قَالَ عَمْروٌ سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ حدَّثنا أبُو هُرَيْرَةَ قَالَ إذَا قَضَى الله الأمْرَ وَقَالَ عَلَى فَمِ السَّاحِرِ قُلْتُ لِسُفْيانَ أأنْتَ سَمِعْتَ عَمْراً قَالَ سَمِعْتُ عِكْرَمَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ لِسُفْيَانَ إنَّ إنْساناً رَوَى عَنْكَ عَنْ عَمْروٍ عنْ عِكْرِمَةَ عنْ أبي هُرَيْرَةَ وَيَرْفَعُهُ أنَّهُ قَرَأَ فُرِّغَ قَالَ سُفْيانُ هاكَذَا قَرَأ عَمْروٌ فَلَا أدْرِي سَمِعَهُ هَكَذَا أمْ لَا قَالَ سُفْيانُ وهْيَ قِرَاءَتُنا.
أَي: قَالَ عَليّ بن عبد الله: وَحدثنَا سُفْيَان أَيْضا الخ، وَهَذَا السَّنَد فِيهِ التَّصْرِيح بِالتَّحْدِيثِ وبالسماع. قَوْله: (قلت لِسُفْيَان) الْقَائِل هُوَ عَليّ بن عبد الله. قَوْله: (وَيَرْفَعهُ) أَي: وَيرْفَع أَبُو هُرَيْرَة الحَدِيث إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (قَرَأَ فرغ) ، بِضَم الْفَاء وَتَشْديد الرَّاء مَكْسُورَة وبالغين الْمُعْجَمَة، قَالَ سُفْيَان: هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَهَكَذَا قَرَأَ عَمْرو بن دِينَار، وَهَذِه الْقِرَاءَة رويت أَيْضا عَن الْحسن وَقَتَادَة وَمُجاهد، وَالْقِرَاءَة الْمَشْهُورَة بالزاي وَالْعين الْمُهْملَة، وَقَرَأَ ابْن عَامر بِفَتْح الْفَاء وَالرَّاء وبالغين الْمُعْجَمَة من قَوْلهم: فرغ الزَّاد إِذا لم يبْق مِنْهُ شَيْء، وَقَالَ الْكرْمَانِي: كَيفَ جَازَت الْقِرَاءَة إِذا لم تكن مسموعة؟ قلت: لَعَلَّ مذْهبه جَوَاز الْقِرَاءَة بِدُونِ السماع إِذا كَانَ الْمَعْنى صَحِيحا.
٢ - (بابُ قَوْلِهِ: {وَلَقَدْ كَذَّبَ أصْحابُ الْحِجْرِ المُرْسَلِينَ} (الْحجر: ٠٨)
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله عز وَجل: {وَلَقَد كذب أَصْحَاب الْحجر} أَي: الْوَادي، وَهِي مَدِينَة ثَمُود قوم صَالح وَهِي فِيمَا بَين الْمَدِينَة وَالشَّام، وَقَالَ الثَّعْلَبِيّ: أَرَادَ بِالْمُرْسَلين صَالحا وَحده، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: لِأَن من كذب وَاحِدًا مِنْهُم فَكَأَنَّمَا كذبهمْ جَمِيعًا، أَو أَرَادَ صَالحا وَمن مَعَه من الْمُؤمنِينَ، كَمَا قيل: الخبيبيون فِي ابْن الزبير وَأَصْحَابه. قلت: التنظير فِيهِ نظر لِأَن من كَانَ مَعَ صَالح من الْمُؤمنِينَ لم يَكُونُوا رسلًا وَإِنَّمَا كَانُوا أمته.
٢٠٧٤ - حدَّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ المُنْذِرِ حدَّثنا مَعْنٌ قَالَ حَدثنِي مالِكٌ عنْ عبْدِ الله بنِ دِينارٍ عنْ عبْدِ الله بن عُمَرَ رَضِي الله عَنْهُمَا أنَّ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لأصْحابِ الْحِجْرِ لَا تَدْخُلُوا عَلَى هاؤُلَاءِ القَوْمِ إلاّ أنْ تَكُونُوا باكِينَ فإِنْ لَمْ تَكُونُوا باكِينَ فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ أنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أصابَهُمْ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، ومعن هُوَ أَبُو عِيسَى بن يحيى الْقَزاز الْمدنِي.
والْحَدِيث قد مر فِي كتاب الصَّلَاة فِي: بَاب الصَّلَاة فِي مَوَاضِع الْخَسْف فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن إِسْمَاعِيل بن عبد الله عَن مَالك الخ، وَهَذَا أَعلَى بِدَرَجَة لِأَن بَينه وَبَين مَالك هُنَاكَ وَاحِد وَهَهُنَا إثنان.
قَوْله (لأَصْحَاب الْحجر) أَي: لأَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذين قدمُوا الْحجر. قَوْله: (هَؤُلَاءِ الْقَوْم) ، أَي: على مَنَازِلهمْ. قَوْله: (بَاكِينَ) ، من الْبكاء، وَذكر ابْن التِّين عَن الشَّيْخ أبي الْحسن: بائين، بِهَمْزَة بدل الْكَاف، ثمَّ قَالَ: وَلَا وَجه لذَلِك. قَوْله: (أَن يُصِيبكُم) ، أَي: أَن لَا يُصِيبكُم، أَو: كَرَاهَة أَن يُصِيبكُم.
٣ - (بابُ قَوْلِهِ: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ المَثانِي والْقُرْآنَ العَظِيمَ} (الْحجر: ٧٨)
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله عز وَجل: {وَلَقَد آتيناك سبعا من المثاني} أَي: فَاتِحَة الْكتاب، وَهُوَ قَول عمر وَعلي وَابْن مَسْعُود وَالْحسن وَمُجاهد وَقَتَادَة وَالربيع والكلبي، ويروى ذَلِك مَرْفُوعا، كَمَا يَجِيء عَن قريب، إِن شَاءَ الله تَعَالَى، وَسميت بذلك لِأَن أهل السَّمَاء يصلونَ بهَا كَمَا يُصَلِّي أهل الأَرْض، وَقيل: لِأَن حروفها وكلماتها مثناة مثل: الرَّحْمَن الرَّحِيم، إياك وَإِيَّاك، والصراط والصراط، وَعَلَيْهِم وَعَلَيْهِم، وَغير وَغير فِي قِرَاءَة عمر بن الْخطاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. وَقَالَ الْحُسَيْن بن الْمفضل: لِأَنَّهَا نزلت مرَّتَيْنِ مَعَ كل مرّة مِنْهَا سَبْعُونَ ألف ملك، مرّة بِمَكَّة من أَوَائِل مَا أنزل من الْقُرْآن، وَمرَّة بِالْمَدِينَةِ، وَالسَّبَب فِيهِ أَن سبع قوافل وافت من بصرى وَأَذْرعَات ليهود من بني قُرَيْظَة وَالنضير فِي يَوْم وَاحِد، وفيهَا أَنْوَاع من الْبرد وأفانين الطّيب والجواهر وأمتعة