مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع الْحِمصِي، وَشُعَيْب بن أبي حَمْزَة الْحِمصِي، يروي عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف.
والْحَدِيث مضى فِي الطَّهَارَة مُخْتَصرا فِي: بَاب لَا يجوز الْوضُوء بالنبيذ، وَقد ذَكرْنَاهُ عَن قريب.
قَوْله: (كل شراب أسكر) من جَوَامِع الْكَلم لِأَنَّهُ سُئِلَ عَن البتع وَأجَاب عَن جنس المشروب الْمُسكر.
قَوْله: (وَعَن الزُّهْرِيّ) هُوَ من رِوَايَة شُعَيْب أَيْضا عَن الزُّهْرِيّ، وَهُوَ مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور. قَوْله: (فِي الدُّبَّاء) بِضَم الدَّال وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة وبالمد وَهُوَ القرع. قَوْله: (والمزفت) بِضَم الْمِيم وَفتح الزَّاي وَتَشْديد الْفَاء الْمَفْتُوحَة وَهُوَ الْإِنَاء المزفت بالزفت، وَهُوَ شَيْء كالقير.
قَوْله: (وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَة) الْقَائِل بِهَذَا هُوَ الزُّهْرِيّ، وَقع ذَلِك عِنْد شُعَيْب عَنهُ مُرْسلا. وَأخرجه مُسلم وَالنَّسَائِيّ من طَرِيق ابْن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي عُيَيْنَة عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة بِلَفْظ: لَا تنتبذوا فِي الدُّبَّاء وَلَا فِي المزفت، ثمَّ يَقُول أَبُو هُرَيْرَة: (وَاجْتَنبُوا الحناتم) ، وَرَفعه من طَرِيق سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة، وَزَاد فِيهِ: والدباء. قَوْله: (يلْحق) بِضَم الْيَاء من الْإِلْحَاق. قَوْله: (مَعَهُمَا) أَي: مَعَ الدُّبَّاء والمزفت. قَوْله: (الحنتم) بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون النُّون وَفتح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق، وَهِي الجرة الخضراء، والنقير بِفَتْح النُّون وَكسر الْقَاف وَهُوَ الْخشب المنقور، وخصت هَذِه الظروف بِالنَّهْي لِأَنَّهَا ظروف منبذة فَإِذا انتبذ صَاحبهَا كَانَ على خطر مِنْهَا لِأَن الشَّرَاب فِيهَا قد يصير مُسكرا وَهُوَ لَا يشْعر بهَا.
٥ - (بابُ مَا جاءَ فِي أنَّ الخَمْرَ مَا خامَرَ العَقْلَ مِنَ الشَّرَابِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَا جَاءَ من الْأَخْبَار فِي أَن الْخمر هُوَ مَا خامر الْعقل من شرب الشَّرَاب.
٥٥٨٨ - حدّثناأحْمَدُ بنُ أبي رَجاءٍ حَدثنَا يَحْياى عنْ أبي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ عَن الشَّعْبِيِّ عَن ابنِ عُمَرَ رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: خَطَبَ عُمَرُ عَلى مِنْبَرِ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إنَّهُ قَدْ نَزَلَ تحْرِيمُ الخَمْرِ، وهْيَ مِنْ خَمْسَةِ أشْياءَ: العِنَبِ والتمْر والحِنْطَةِ والشَّعِيرِ والعسَلِ. والخَمْرُ مَا خامَرَ العَقْلَ، وثَلَاثٌ وَدِدْتُ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَمْ يُفارِقْنا حَتَّى يَعْهَدَ إلَيْنا. عَهْداً: الجَدُّ والكَلَالَةُ وأبْوَابُ مِنْ أبْوابِ الرِّبا؟ قَالَ: قُلْتُ: يَا أَبَا عَمْرٍ وأفَشَيءٌ يُصْنَعُ بالسِّنْدِ منَ الرُّزِّ؟ قَالَ: ذَاكَ لمْ يَكُنْ عَلى عهْدِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أوْ قَالَ: عَلى عهْدِ عُمَرَ.
وَقَالَ حجَّاجٌ عنْ حمَّادٍ عنْ أبي حَيَّانَ مكانَ العِنَبِ: الزَّبِيبَ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَالْخمر مَا خامر الْعقل) وَأحمد بن أبي رَجَاء بِالْجِيم اسْمه عبد الله بن أَيُّوب أَبُو الْوَلِيد الْحَنَفِيّ الْهَرَوِيّ، وَيحيى هُوَ ابْن سعيد الْقطَّان، وَأَبُو حَيَّان بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالنون واسْمه يحيى بن سعيد التَّيْمِيّ، وَالشعْبِيّ عَامر بن شرَاحِيل.
والْحَدِيث قد مضى فِي تَفْسِير سُورَة الْمَائِدَة فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ إِلَى قَوْله: (وَالْخمر مَا خامر الْعقل) وَأخرجه أَيْضا فِي الِاعْتِصَام. وَأخرجه بَقِيَّة الْجَمَاعَة غير ابْن ماجة، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: (قد نزل تَحْرِيم الْخمر) أَرَادَ بِهِ عمر رَضِي الله عَنهُ نزُول الْآيَة الْمَذْكُورَة فِي أول كتاب الْأَشْرِبَة وَهِي آيَة الْمَائِدَة. {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر} (الْمَائِدَة: ٩٠) الْآيَة. وَقَالَ بَعضهم: أَرَادَ عمر، رَضِي الله تَعَالَى. عَنهُ، التَّنْبِيه على أَن المُرَاد بِالْخمرِ فِي هَذِه الْآيَة لَيْسَ خَاصّا بالمتخذ من الْعِنَب، بل يتَنَاوَل الْمُتَّخذ من غَيرهَا. قلت: نعم يتَنَاوَل غير الْمُتَّخذ من الْعِنَب من حَيْثُ التَّشْبِيه لَا من حَيْثُ الْحَقِيقَة. قَوْله: (وَهِي من خَمْسَة أَشْيَاء) جملَة حَالية لَا تَقْتَضِي الْحصْر وَلَا يَنْبَغِي إِطْلَاق الخمرية على نَبِيذ الذّرة والأرز وَغَيرهمَا، وَقَالَ الْخطابِيّ: إِنَّمَا عد عمر رَضِي الله عَنهُ هَذِه الْأَنْوَاع الْخَمْسَة لاشتهار أسمائها فِي زَمَانه وَلم يكن بوجد بِالْمَدِينَةِ الْوُجُود الْعَام فَإِن الْحِنْطَة كَانَت عزيزة وَالْعَسَل مثلهَا أَو أعز، فعد عمر رَضِي الله عَنهُ مَا عرف مِنْهَا، وَجعل مَا فِي مَعْنَاهَا مِمَّا يتَّخذ من الْأرز وَغَيره خمر بمثابتها إِن كَانَ مِمَّا يخَامر الْعقل ويسكر كإسكارها. قَوْله: (وَالْخمر مَا خامر الْعقل) أَي: غطاه وخالطه، وَلم يتْركهُ على حَاله، وَهُوَ من مجَاز التَّشْبِيه. وَقَالَ الْكرْمَانِي: فِيهِ دَلِيل على إِحْدَاث الِاسْم بِالْقِيَاسِ وَأَخذه من طَرِيق الِاشْتِقَاق. قلت: هَذَا