مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (الرّقية من كل ذِي حمة) لِأَن الْحمة كل شَيْء يلْدغ أَو يلسع، قَالَه الْخطابِيّ، وَقيل: هِيَ شَوْكَة الْعَقْرَب، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ عَن قريب، وَهِي بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْمِيم بعْدهَا هَاء.
وَعبد الْوَاحِد هُوَ ابْن زِيَاد وَسليمَان الشَّيْبَانِيّ بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالباء الْمُوَحدَة وبالنون، وكنيته أَبُو إِسْحَاق، وَعبد الرحمان بن الْأسود يرْوى عَن أَبِيه الْأسود بن يزِيد النَّخعِيّ.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الطِّبّ أَيْضا عَن أبي بكر بن أبي شيبَة. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن رَافع وَغَيره.
قَوْله: (رخص) مشْعر بِأَنَّهُ كَانَ مَنْهِيّا، وَلَعَلَّه نَهَاهُم عَنْهَا لما عَسى أَن يكون فِيهَا من أَلْفَاظ الْجَاهِلِيَّة، فَلَمَّا علم أَنَّهَا عَارِية عَنْهَا أَبَاحَ لَهُم، وروى ابْن وهب عَن يُونُس بن يزِيد عَن ابْن شهَاب قَالَ: بَلغنِي عَن رجال من أهل الْعلم أَنهم كَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن الرقي حَتَّى قدم الْمَدِينَة، وَكَانَ الرقي فِي ذَلِك الزَّمن فِيهَا كثير من كَلَام الشّرك فَلَمَّا قدم الْمَدِينَة لدغ رجل من أَصْحَابه، قَالُوا: يَا رَسُول الله! قد كَانَ آل حزم يرقون من الْحمة، فَلَمَّا نهيت عَن الرقى تركوها، فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ادعوا لي عمَارَة، وَكَانَ قد شهد بَدْرًا، قَالَ: اعْرِض عَليّ رقيتك، فعرضها عَلَيْهِ وَلم ير بهَا بَأْسا وَأذن لَهُ فِيهَا.
٣٨ - (بابُ رُقْيَةِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان رقية النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّتِي كَانَ يرقي بهَا.
٥٧٤٢ - حدّثنا مُسَدَّدٌ حدّثنا عبْدُ الوارِثِ عنْ عَبدِ العَزِيزِ قَالَ: دَخَلْتُ أَنا وثابِتٌ عَلى أنَسِ بنِ مالِكٍ فَقَالَ ثابِتٌ: يَا أَبَا حَمْزَةَ اشْتَكَيْتُ؟ فَقَالَ أنَسٌ: أَلا أرْقِيكَ بِرُقْيَةِ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: اللهُمَّ رَبَّ النَّاسِ مُذْهِبَ الْباسِ إشْفِ أنْتَ الشَّافِي لَا شافِيَ إلَاّ أنْتَ شِفاءً لَا يُغادِرُ سَقَماً.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَعبد الْوَارِث هُوَ ابْن سعدو عبد الْعَزِيز هُوَ ابْن صُهَيْب وثابت بالثاء الْمُثَلَّثَة هُوَ ابْن أسلم الْبنانِيّ بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَخْفِيف النُّون الأولى والْحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد أَيْضا عَن مُسَدّد فِي الطِّبّ وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْجَنَائِز وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة جَمِيعًا عَن قُتَيْبَة قَوْله (يَا با حَمْزَة) أَصله يَا أَبَا حَمْزَة فحذفت الْألف للتَّخْفِيف وَأَبُو حَمْزَة كنية أنس بن مَالك قَوْله (اشتكيت) أَي مَرضت قَوْله (أَلا) بتَخْفِيف اللَّام للعرض والتنبيه قَوْله (أرقيك) بِفَتْح الْهمزَة قَوْله (مَذْهَب الباس) على صُورَة اسْم الْفَاعِل ويروى اذْهَبْ الباس بِصُورَة الْأَمر من الأذهاب والباس الْهمزَة فِي الأَصْل فحذفت للمواخاة والباس الشدَّة وَالْعَذَاب قَوْله (اشف) أَمر من شفي يشفى قَوْله (أَنْت الشافي) قيل يُؤْخَذ مِنْهُ جَوَاز تَسْمِيَة الله تَعَالَى بِمَا لَيْسَ فِي الْقُرْآن بِشَرْطَيْنِ (أَحدهمَا) أَن لَا يكون فِي ذَلِك مَا يُوهم نقصا وَالْآخر أَن يكون لَهُ أصل فِي الْقُرْآن وَهَذَا من ذَاك فَإِن فِي الْقُرْآن (وَإِذا مَرضت فَهُوَ يشفين) قلت هَذَا الْبَاب فِيهِ خلاف مِنْهُم من قَالَ أَسمَاء الله توقيفية فَلَا يجوز أَن يُسمى بِمَا لم يسمع فِي الشَّرْع وَمِنْهُم من قَالَ غير توقيفية وَلَكِن اشترطوا الشَّرْط الأول فَقَط فَافْهَم قَوْله (لَا شافي إِلَّا أَنْت) إِشَارَة إِلَى أَن كل مَا يَقع من الدَّوَاء والتداوى إِن لم يُصَادف تَقْدِير الله عز وَجل فَلَا ينجح قَوْله (شِفَاء) مَنْصُوب بقوله اشف وَقَالَ بَعضهم يجوز الرّفْع على أَنه خبر مُبْتَدأ أَي هُوَ قلت هَذَا تصرف غير مُسْتَقِيم على مَا لَا يخفى قَوْله لَا يُغَادر سقماً هَذِه الْجُمْلَة صفة لقَوْله شِفَاء وَمعنى لَا يُغَادر لَا يتْرك وسقما بِفتْحَتَيْنِ مَفْعُوله وَيجوز فِيهِ ضم السِّين وتسكين الْقَاف.
٥٧٤٣ - حدَّثنا عُمْرُ بن عَليّ حدَّثنا سُفْيانُ حَدثنِي سَليْمان عَن مُسْلِمٍ عَن مسْرُوقٍ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أنَّ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كانَ يُعَوِّذُ بَعْضَ أهْلِهِ يَمْسَحُ بِيَدِهِ اليُمْنى ويَقُولُ اللَّهُمَّ ربَّ النَّاسِ أذْهِبِ الباسَ اشْفِهْ وأنْتَ الشَّافِي لَا شِفاءَ إِلَاّ شِفاؤكَ شِفاءَ إِلَّا يُغادِرُ سَقمَاً.
قَالَ سُفْيانُ: حدَّثْتُ بِهِ مَنْصُوراً فَحَدَّثَني عنْ إبْرَاهِيمَ عنْ مَسْرُوق عنْ عائِشَةَ نحْوَهُ.