بشير بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الشين الْمُعْجَمَة ابْن كَعْب الْعَدوي الْبَصْرِيّ التَّابِعِيّ الْجَلِيل.
قَوْله: (فِي الْحِكْمَة) وَهِي الْعلم الَّذِي يبْحَث فِيهِ عَن أَحْوَال حقائق الموجودات، وَقيل: الْعلم المتقن الوافي. قَوْله: (وقاراً) الْوَقار بِفَتْح الْوَاو الْحلم والرزانة. قَوْله: (سكينَة) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: السكينَة، بِالْألف وَاللَّام وَهِي الدعة والسكون. قَوْله: (فَقَالَ لَهُ عمرَان) أَي: فَقَالَ لبشير الْمَذْكُور وَعمْرَان بن حُصَيْن: أحَدثك من التحديث، وَإِنَّمَا قَالَ عمرَان ذَلِك مغضباً لِأَن الْحجَّة إِنَّمَا هِيَ فِي سنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا فِيمَا يروي عَن كتب الْحِكْمَة، لِأَنَّهُ لَا يدْرِي مَا فِي حَقِيقَتهَا وَلَا يعرف صدقهَا. فَإِن قلت: لم غضب عمرَان وَلَيْسَ فِي ذكر الْوَقار والسكينة مَا يُنَافِي كَونه خيرا؟ قلت: كَانَ غَضَبه لزِيَادَة فِي الَّذِي ذكره بشير، وَهِي فِي رِوَايَة أبي قَتَادَة الْعَدوي أَن مِنْهُ سكينَة ووقار الله وَمِنْه ضعف، وَقيل: يحْتَمل أَن يكون غَضَبه من قَوْله: (مِنْهُ) لِأَن التَّبْعِيض يفهم مِنْهُ أَن مِنْهُ مَا يضاد ذَلِك، وَهُوَ قد روى أَنه خير كُله.
٦١١٨ - حدَّثنا أحْمَدُ بنُ يُونُسَ حَدثنَا عَبْدُ العَزِيزِ بنُ أبي سَلَمَةَ حَدثنَا ابنُ شِهابٍ عَنْ سالِمٍ عَنْ عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ رَضِي الله عَنْهُمَا، قَالَ: مَرَّ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَى رَجُلٍ وَهْوَ يُعاتَبُ فِي الحَياءِ يَقُولُ: إنَّكَ لَتَسْتَحي حَتَّى كأنَّهُ يَقُولُ قَدْ أضَرَّ بِكَ، فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: دَعْهُ فإنَّ الحَياءَ مِنَ الإيمانِ. (انْظُر الحَدِيث ٢٤ وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَأحمد بن يُونُس هُوَ أَحْمد بن عبد الله بن يُونُس الْيَرْبُوعي الْكُوفِي، وَعبد الْعَزِيز بن أبي سَلمَة بِفتْحَتَيْنِ الْمَاجشون وَهُوَ عبد الْعَزِيز بن عبد الله بن أبي سَلمَة واسْمه دِينَار. والْحَدِيث من أَفْرَاده.
قَوْله: (يُعَاتب) بِضَم الْيَاء على صِيغَة الْمَجْهُول يَعْنِي: يلام ويذم ويوعظ. قَوْله: (لتستحي) بباء وَاحِدَة وبياءين فَإِذا جزم يجوز أَن يبْقى بِدُونِهَا وَقَالَ ابْن التِّين: هُوَ من استحي بياء وَاحِدَة، وَقَالَ الْجَوْهَرِي: أصل استحيت استحييت فاعلوا الْيَاء الأولى تقلب ألفا لتحركها، وَقَالَ الْمَازِني: لم تحذف لالتقاء الساكنين لِأَنَّهَا لَو حذفت لذَلِك لما ردوهَا إِذا قَالُوا: هُوَ يستحي، ولقالوا: هُوَ يستح، وَقَالَ الْأَخْفَش: اسْتَحى بياء وَاحِدَة لُغَة تَمِيم وبباءين لُغَة أهل الْحجاز. قَوْله: (دَعه) أَي: اتركه وَهُوَ أَمر من يدع. قَوْله: (فَإِن الْحيَاء من الْإِيمَان) أَي: من كَمَال الْإِيمَان، قَالَه أَبُو عبد الْملك، وَقَالَ الْهَرَوِيّ: جعل الْحيَاء وَهُوَ غريزة من الْإِيمَان وَهُوَ الِاكْتِسَاب لِأَن المستحي يَنْقَطِع بحيائه عَن الْمعاصِي، وَإِن لم يكن لَهُ نِيَّة فَصَارَ كالإيمان الْقَاطِع بَينه وَبَينهَا.
٦١١٩ - حدَّثنا عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ أخبيرنا شُعْبَةُ عَنْ قَتادَةَ عَنْ مَوْلَى أنَسٍ قَالَ أبُو عَبْدِ الله: اسْمُهُ عَبْدُ الله بنُ عُتْبَةَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ يَقُولُ: كانَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أشَدَّ مِنَ العَذْراءِ فِي خُدْرِها. (انْظُر الحَدِيث ٣٥٦٢ وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. والْحَدِيث مضى عَن قريب فِي: بَاب من لم يواجه النَّاس بالعتاب فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عَبْدَانِ عَن عبد الله ... إِلَى آخِره.
قَوْله: قَالَ أَبُو عبد الله هُوَ البُخَارِيّ نَفسه، وَعتبَة بِضَم الْعين وَسُكُون التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق، وَفسّر البُخَارِيّ مولى أنس بقوله: اسْمه عبد الله، وَقيل عبيد الله، وَقيل: عبد الرَّحْمَن، وَالصَّحِيح أَنه عبد الله مكبراً، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
٧٨ - (بابٌ إذَا لَمْ تَسْتَحِ فاصْنَعْ مَا شِئْتَ)
أَي: هَذَا بَاب فِي ذكر قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا لم تستح فَاصْنَعْ مَا شِئْت، وَقد أوقع هَذِه التَّرْجَمَة عين الحَدِيث.
٦١٢٠ - حدَّثنا أحْمَدُ بنُ يُونُسَ حَدثنَا زُهَيْرٌ حَدثنَا مَنْصُورٌ عَنْ رِبْعِيّ بنِ حِرَاش حدّثنا أبُو مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إنَّ مِمَّا أدْرَكَ النَّاسُ مِن كَلامِ النُّبُوَّةِ الأولَى: إِذا لَمْ تَسْتَبح فاصْنَعْ مَا شِئْتَ. (انْظُر الحَدِيث ٣٤٨٣ وطرفه) .
قد ذكرنَا أَن التَّرْجَمَة لفظ الحَدِيث. وَزُهَيْر الْيَرْبُوعي هُوَ ابْن مُعَاوِيَة أَبُو خَيْثَمَة، وَمَنْصُور هُوَ ابْن الْمُعْتَمِر، ورِبْعِي بِكَسْر الرَّاء وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وَكسر الْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف ابْن حِرَاش بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الرَّاء