للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المناقب فِي بَاب حَدِيث زيد بن عَمْرو بن نفَيْل فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ مطولا عَن مُحَمَّد بن أبي بكر عَن فُضَيْل بن سُلَيْمَان عَن مُوسَى إِلَى آخِره، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ وَزيد بن عَمْرو بن نفَيْل بِضَم النُّون الْقرشِي وَالِد سعيد أحد الْعشْرَة المبشرة كَانَ يتعبد فِي الْجَاهِلِيَّة على دين إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: قَوْله: (بلدح) ، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون اللَّام وَفتح الدَّال الْمُهْملَة، وَفِي آخِره حاء مُهْملَة منصرفا وَغير منصرف وَهُوَ اسْم مَوضِع بالحجاز قريب من مَكَّة قَوْله: (فَقدم إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ، سفرة وَفِي هَذَا الْموضع اخْتِلَاف فرواية الْأَكْثَرين هَكَذَا وَهُوَ أَن الضَّمِير فِي إِلَيْهِ يرجع إِلَى زيد وَرَسُول الله مَرْفُوع لِأَنَّهُ فَاعل قدم وسفرة مَنْصُوب على المفعولية وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: فَقدم إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، سفرة على أَن قدم على صِيغَة الْمَجْهُول وسفرة مَرْفُوع بِهِ وَالْجمع بَينهمَا بِأَن الْقَوْم الَّذين كَانُوا هُنَاكَ قدمُوا إِلَى رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، سفرة فَقَدمهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِلَى زيد. قَوْله: (سفرة فِيهَا لحم) ، رِوَايَة أبي ذَر. وَفِي رِوَايَة غَيره: (سفرة لحم) . قَوْله: (قابى) ، أَي: زيد. أَي: امْتنع عَن الْأكل وَقَالَ الْخطابِيّ: امْتنَاع زيد من أكل مَا فِي السفرة إِنَّمَا هُوَ من خَوفه أَن يكون اللَّحْم مِمَّا ذبح على الأنصاب المنصوبة لِلْعِبَادَةِ وَقد كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَيْضا لَا يَأْكُل من ذَبَائِحهم الَّتِي كَانُوا يذبحونها لأنصابهم وَأما ذبحهم لمآكلهم فَلم نجد فِي الحَدِيث أَنه كَانَ يتنزه عَنهُ وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَكَونه فِي سفرته لَا يدل على أَنه كَانَ يَأْكُل مِنْهُ وَقَالَ ابْن زيد: (مَا ذبح) . على النصب وَمَا أهل بِهِ لغير الله وَاحِد وَمعنى: مَا أهل بِهِ لغير الله ذكر عَلَيْهِ غير اسْم الله من أَسمَاء الْأَوْثَان الَّتِي كَانُوا يعبدونها وَكَذَا الْمَسِيح وكل اسْم سوى الله عز وَجل. وَاخْتلف الْعلمَاء فِي ذَلِك فكره عمر وَابْنه وَعلي وَعَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، مَا أهل بِهِ لغير الله وَعَن النَّخعِيّ وَالْحسن وَالثَّوْري، مثله وَكره مَالك ذَبَائِح النَّصَارَى لكنائسهم وأعيادهم وَقَالَ: يكره مَا سمى عَلَيْهِ الْمَسِيح من غير تَحْرِيم وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يُؤْكَل مَا سمى الْمَسِيح عَلَيْهِ. وَقَالَ الشَّافِعِي: لَا يحل مَا ذبح لغير الله وَلَا مَا ذبح للأصنام وَرخّص فِي ذَلِك آخَرُونَ وروى ذَلِك عَن عبَادَة بن الصَّامِت وَأبي الدَّرْدَاء وَأبي أُمَامَة وَقَالَ عَطاء وَالشعْبِيّ: قد أحل الله مَا أهل بِهِ لغير الله، لِأَنَّهُ قد علم أَنهم سيقولون هَذَا القَوْل وَأحل ذَبَائِحهم وَإِلَيْهِ ذهب اللَّيْث وفقهاء أهل الشَّام مَكْحُول وَسَعِيد بن عبد الْعَزِيز وَالْأَوْزَاعِيّ، وَقَالُوا: (سَوَاء) سمى الْمَسِيح على ذَبِيحَة أَو ذبح لعيد أَو كَنِيسَة وكل ذَلِك حَلَال لِأَنَّهُ كتابي قد ذبح لدينِهِ وَكَانَت هَذِه ذَبَائِحهم قبل نزُول الْقُرْآن وأحلها الله تَعَالَى فِي كِتَابه.

١٦ - (بَابُ: {قَوْلِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلْيَذْبَحْ عَلَى اسْمِ الله} )

أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (فليذبح أضحيته على اسْم الله عز وَجل) .

٣٢ - (حَدثنَا قُتَيْبَة حَدثنَا أَبُو عوَانَة عَن الْأسود بن قيس عَن جُنْدُب بن سُفْيَان البَجلِيّ قَالَ ضحينا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أضْحِية ذَات يَوْم فَإِذا أنَاس قد ذَبَحُوا ضحاياهم قبل الصَّلَاة فَلَمَّا انْصَرف رَآهُمْ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنهم قد ذَبَحُوا قبل الصَّلَاة فَقَالَ من ذبح قبل الصَّلَاة فليذبح مَكَانهَا أُخْرَى وَمن كَانَ لم يذبح حَتَّى صلينَا فليذبح على اسْم الله) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي آخر الحَدِيث قيل فَائِدَة هَذِه التَّرْجَمَة بعد تقدم التَّرْجَمَة على التَّسْمِيَة التَّنْبِيه على أَن النَّاسِي يذبح على اسْم الله لِأَنَّهُ لم يقل فِيهِ فليسم وَإِنَّمَا جعل أصل ذبح الْمُسلم على اسْم الله من صفة فعله ولوازمه كَمَا ورد ذكر الله على قلب كل مُسلم سمى أَو لم يسم انْتهى (قلت) التَّنْبِيه هُنَا على أَن من ذبح قبل صَلَاة الْعِيد يُعِيدهَا بِالتَّسْمِيَةِ حَيْثُ قَالَ فليذبح على اسْم الله وَاعْلَم بِهِ أَن وَقت الْأُضْحِية بعد الصَّلَاة يذبحها مقرونة بِالتَّسْمِيَةِ لِأَن كلمة على هُنَا فِيهَا معنى المصاحبة كَمَا فِي قَوْله اركب على اسْم الله أَي مصاحبا باسم الله وَقَالَ بَعضهم قَوْله فليذبح على اسْم الله يحْتَمل أَن يكون المُرَاد بِهِ الْإِذْن فِي الذَّبِيحَة حِينَئِذٍ أَو المُرَاد بِهِ الْأَمر بِالتَّسْمِيَةِ (قلت) المُرَاد بِهِ أَن الذَّبِيحَة بعد الصَّلَاة بِالتَّسْمِيَةِ وَأَنه لَا يجوز قبل الصَّلَاة وَلَا بِدُونِ التَّسْمِيَة وَهَذَا هُوَ الَّذِي يفهم من الحَدِيث والقرائن أَيْضا تدل عَلَيْهِ وَمَا ذكره هَذَا الْقَائِل بالاحتمالين من سوء التَّصَرُّف من غير تَأمل فِي معنى الحَدِيث

<<  <  ج: ص:  >  >>