للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَالك عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة. وَأخرجه هُنَا عَن عُثْمَان عَن جرير بن عبد الحميد عَن مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ عَن الْأسود بن يزِيد عَن عَائِشَة، وَأخرجه أَيْضا فِي الْفَرَائِض عَن مُحَمَّد بن جرير وَفِيه أَيْضا عَن مُوسَى ابْن إِسْمَاعِيل عَن أبي عوَانَة. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْبيُوع وَفِي الْوَلَاء عَن مُحَمَّد بن بشار. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْبيُوع وَفِي الطَّلَاق وَفِي الْفَرَائِض عَن قُتَيْبَة عَن جرير بِهِ، وَذكر قصَّة التَّخْيِير فِي الْبيُوع وَفِي الطَّلَاق دون الْفَرَائِض.

قَوْله: (بَرِيرَة) ، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَكسر الرَّاء الأولى، وَكَانَت وليدة لبني هِلَال، كَذَا فِي رِوَايَة عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن عُرْوَة، قَوْله: (لم أعْطى الْوَرق) ، بِفَتْح الْوَاو وَكسر الرَّاء، وَهِي الدَّرَاهِم المضروبة، وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ: وَإِنَّمَا الْوَلَاء لمن أعْطى الثّمن أَو لمن مَعَه النِّعْمَة. قَوْله: (فَخَيرهَا من زَوجهَا) لِأَن زَوجهَا كَانَ عبدا على الْأَصَح، وَإِذا كَانَ زوج الْأمة حرا خيرت عندنَا أَيْضا. وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ: لَا تخير، وروى مُسلم عَن عَائِشَة أَن زَوجهَا كَانَ عبدا فَخَيرهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وروى البُخَارِيّ وَمُسلم أَيْضا عَنْهَا أَن زوج بَرِيرَة كَانَ حرا حِين أعتقت، وَالْعَمَل بِهَذَا أولى لثُبُوت الْحُرِّيَّة لاتفاقهم أَنه كَانَ قتل عبدا. ونقول بِمُوجب الْحَدِيثين جمعا بَين الدَّلِيلَيْنِ، وَلَا فرق فِي هَذَا بَين القنة وَأم الْوَلَد والمدبرة وَالْمُكَاتبَة، وَزفر يخالفنا فِي الْكِتَابَة.

١١ - (بابٌ إذَا أُسِرَ أخُو الرَّجُلِ أوْ عَمُّهُ هَلْ يُفادَى إذَا كانَ مُشْرِكاً)

أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ إِذا أسر أَخُو الرجل أَو عَمه هَل يفادى؟ من فاداه يفاديه مفاداة: إِذا أعْطى فداءه، وأنقذه. وَقيل: المفاداة أَن يَفتكَّ الْأَسير بأسير مثله، وَفِي (الْمغرب) : فدَاه من الْأسر فدَاء: استنقذه مِنْهُ بِمَال، والفدية اسْم ذَلِك المَال، والمفاداة بَين اثْنَيْنِ. وَقَالَ الْمبرد: المفاداة أَن تدفع رجلا وَتَأْخُذ رجلا وَالْفِدَاء أَن تشتريه. وَقيل: هما بِمَعْنى قلت: يفادى هُنَا بِمَعْنى: أَن يُعْطي مَالا ويستنقذ الْأَسير. قَوْله: (إِذا كَانَ) ، أَي: أَخُوهُ أَو عَمه مُشْركًا من أهل دَار الْحَرْب، وَإِنَّمَا قَالَ البُخَارِيّ: هَل يفادى؟ بالاستفهام على سَبِيل الاستخبار، وَلم يبين حكم الْمَسْأَلَة. وَاقْتصر على ذكر أخي الرجل وَعَمه من بَين سَائِر ذَوي رَحمَه، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ ترك بَيَان حكم الْمَسْأَلَة لأجل الْخلاف فِيهِ على مَا نبينه، وَأما اقْتِصَاره على الْأَخ وَالْعم فَلِأَنَّهُ استنبط من حَدِيث الْبَاب أَن الْأَخ وَالْعم لَا يعتقان على من ملكهمَا، وَكَذَلِكَ ابْن الْعم، لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد ملك من عَمه الْعَبَّاس وَمن ابْن عَمه عقيل بِالْغَنِيمَةِ الَّتِي لَهُ فِيهَا نصيب، وَكَذَلِكَ عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قد ملك من أَخِيه عقيل وَعَمه الْعَبَّاس وَلم يعتقا عَلَيْهِ.

وَأما بَيَان الِاخْتِلَاف فِيمَن يعْتق على الرجل إِذا ملكه، فَذهب مَالك إِلَى أَنه لَا يعْتق عَلَيْهِ إلَاّ أهل الْفَرَائِض فِي كتاب الله تَعَالَى، وهم: الْوَلَد ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى، وَولد الْوَلَد، وَإِن سفلوا، وَأَبوهُ وأجداده وجداته من قبل الْأَب وَالأُم وَإِن بعدوا، وَإِخْوَته لِأَبَوَيْنِ أَو لأَب أَو لأم، وَبِه قَالَ الشَّافِعِي إلَاّ فِي الْأُخوة: فَإِنَّهُم لَا يعتقون، وحجته فِيهِ: أَن عقيلاً كَانَ أَخا عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَلم يعْتق عَلَيْهِ بِمَا ملك من نَفسه من الْغَنِيمَة مِنْهُ. وَعند الْحَنَفِيَّة: كل من ملك ذَا رحم محرم مِنْهُ عتق عَلَيْهِ، وَذُو الرَّحِم الْمحرم كل شَخْصَيْنِ يدليان إِلَى أصل وَاحِد بِغَيْر وَاسِطَة: كالأخوين، أَو أَحدهمَا بِوَاسِطَة، وَالْآخر بواسطتين، كالعم وَابْن الْعم، وَلَا يعْتق ذُو رحم غير محرم كبني الْأَعْمَام والأخوال وَبني العمات والخالات، وَلَا محرم غير ذِي رحم كالمحرمات بالصهرية، أَو الرَّضَاع إِجْمَاعًا، وَيَقُول الْحَنَفِيَّة قَالَ أَحْمد وَعنهُ كَقَوْل الشَّافِعِي. وَفِي (حاوي) الْحَنَابِلَة: وَمن ملك ذَا رحم محرم عتق عَلَيْهِ، وَعنهُ: لَا يعْتق إلَاّ عَمُود النّسَب. وَحجَّة الْحَنَفِيَّة فِي هَذَا مَا رَوَاهُ الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة من حَدِيث سَمُرَة بن جُنْدُب، قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسلم بن إِبْرَاهِيم ومُوسَى بن إِسْمَاعِيل قَالَا: حَدثنَا حَمَّاد بن سَلمَة عَن قَتَادَة عَن الْحسن عَن سَمُرَة بن جُنْدُب عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقَالَ مُوسَى فِي مَوضِع آخر: عَن سَمُرَة بن جُنْدُب فِيمَا يحْسب حَمَّاد، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من ملك ذَا رحم محرم فَهُوَ حر) ، وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد الله بن مُعَاوِيَة الجُمَحِي الْبَصْرِيّ حَدثنَا حَمَّاد بن سَلمَة عَن قَتَادَة عَن الْحسن عَن سَمُرَة: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (من ملك ذَا رحم محرم فَهُوَ حر) . وَقَالَ النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا حجاج وَأَبُو دَاوُد، قَالَا: حَدثنَا حَمَّاد عَن قَتَادَة عَن الْحسن عَن سَمُرَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (من ملك ذَا محرم فَهُوَ حر) ، وَقَالَ ابْن مَاجَه: حَدثنَا عقبَة بن مكرم وَإِسْحَاق بن مَنْصُور، قَالَا: حَدثنَا مُحَمَّد بن بكر البرْسَانِي عَن حَمَّاد بن سَلمَة عَن قَتَادَة وَعَاصِم عَن الْحسن عَن سَمُرَة بن جُنْدُب عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (من ملك ذَا رحم محرم فَهُوَ حر) ، وَقَالَ بَعضهم: أَشَارَ البُخَارِيّ بترجمة هَذَا الْبَاب

<<  <  ج: ص:  >  >>