٧٩ - (بابُ بَيْعِ الأرْضِ والدُّورِ والعُرُوضِ مُشاعا غَيْرَ مَقْسُومٍ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم بيع الأَرْض ... إِلَى آخِره. قَوْله: (الدؤر) بِالْهَمْز وَالْوَاو كليهمَا بِالْوَاو فَقَط جمع دَار، وَالْعرُوض بالضاد الْمُعْجَمَة جمع عرض بِالْفَتْح، وَهُوَ الْمَتَاع. قَوْله: (مشَاعا) ، نصب على الْحَال، وَكَانَ الْقيَاس أَن يُقَال: مشاعة، لَكِن لما صَار: الْمشَاع كالاسم، وَقطع النّظر فِيهِ عَن الوصفية جَازَ تذكيره أَن يكون بِاعْتِبَار الْمَذْكُور أَو بِاعْتِبَار كل وَاحِد.
٤١٢٢ - حدَّثنا محَمَّدُ بنُ مَحْبُوب قَالَ حدَّثنا عَبْدُ الوَاحِدِ قَالَ حدَّثنا مَعْمَرٌ عنِ الزُّهْرِيِّ عنْ أبِي سلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمانِ عنْ جابِرِ بنِ عَبْدِ الله رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ قَضَي النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ مالٍ لَمْ يُقْسَمْ فإذَا وقَعَتِ الحُدُودُ وصُرِّفَتِ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: كل مَا لَا يقسم، وَقد ذكرنَا أَن هَذَا اللَّفْظ عَام، وَأُرِيد بِهِ الْخَاص فِي الْعقار، والبحث فِيهِ قد مضى فِي الْبَاب السَّابِق من أَن الشُّفْعَة فِي الْأَرْضين والدور خَاصَّة. وَأما بيع الْعرُوض مشَاعا فَأكْثر الْعلمَاء أَنه: لَا شُفْعَة فِيهَا، كَمَا مر، وَإِنَّمَا ذكر الْعرُوض فِي التَّرْجَمَة وَلَيْسَ لَهَا ذكر فِي الحَدِيث تَنْبِيها على الْخلاف فِيهِ على الْإِجْمَال، فَيُوقف عَلَيْهِ من الْخَارِج.
وَرِجَال الحَدِيث كلهم قد مروا، فمحمد بن مَحْبُوب ضد المبغوض قد مر فِي الْغسْل، وَعبد الْوَاحِد بن زِيَاد قد مر فِي بَاب: {وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم} (الْإِسْرَاء: ٥٨) . وَقَالَ الْخطابِيّ هُنَا: معنى الشَّفَقَة نفي الضَّرَر، وَإِنَّمَا يتَحَقَّق مَعَ الشّركَة وَلَا ضَرَر على الْجَار، فَلَا وَجه لنزع ملك الْمُبْتَاع مِنْهُ بعد استقراره. انْتهى. قلت: هَذَا مدافعة للأحاديث الصَّحِيحَة الَّتِي فِيهَا الشُّفْعَة للْجَار، وَقد ذَكرنَاهَا عَن قريب. قَوْله: (وَلَا ضَرَر على الْجَار) مَمْنُوع لاحْتِمَال أَن يكون المُشْتَرِي من شرار النَّاس، أَو مِمَّن يشْتَغل بِالْمَعَاصِي فيتضرر بِهِ الْجَار، وَلَا ضَرَر أعظم من هَذَا لاستمراره لَيْلًا وَنَهَارًا. وَقَوله: بعد استقراره، غير صَحِيح، لِأَن حق الْغَيْر فِيهِ، فَكيف يُقَال إِنَّه مُسْتَقر وَهَذِه كلهَا معاندة ومكابرة.
٧٥١ - ح دَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدثنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بِهَذَا وَقَالَ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ
أَشَارَ بِهِ إِلَى أَنه أخرج هَذَا الحَدِيث عَن شَيْخه أَحدهمَا مُحَمَّد بن مَحْبُوب عَن عبد الْوَاحِد، وَالْآخر عَن مُسَدّد عَن عبد الْوَاحِد، وَأَشَارَ بِهِ أَيْضا إِلَى اخْتِلَاف كل فِي قَوْله فِي كل مَا لم يقسم، فَإِن فِي رِوَايَة مُحَمَّد بن مَحْبُوب: فِي كل مَا لم يقسم، وَفِي رِوَايَة مُسَدّد. وَفِي كل مَال لم يقسم. قَوْله: (بِهَذَا) ، أَي: بِهَذَا الحَدِيث، الْمَذْكُور.
تابَعَهُ هِشَامٌ عنْ مَعْمَرٍ
أَي: تَابع عبد الْوَاحِد هِشَام بن يُوسُف الْيَمَانِيّ فِي رِوَايَته: فِي كل مَال لم يقسم، وَهَذِه المتابة وَصلهَا البُخَارِيّ رَحمَه الله تَعَالَى فِي ترك الْحِيَل.
قَالَ عبْدُ الرَّزَّاقِ فِي كُلِّ مالٍ رَواهُ عَبْدُ الرَّحْمانِ بنُ إسْحَاقَ عنِ الزُّهْرِيِّ
أَي: قَالَ عبد الرَّزَّاق فِي رِوَايَته عَن معمر: فِي كل مَال، وَكَذَا قَالَ عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق الْقرشِي، قَالَ أَبُو دَاوُد: إِنَّه قدري ثِقَة. قَوْله: (عَن الزُّهْرِيّ) ، أَي: رَوَاهُ عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ، وَطَرِيق عبد الرَّزَّاق وَصله البُخَارِيّ فِي الْبَاب السَّابِق، وَطَرِيق عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق وَصله مُسَدّد فِي (مُسْنده) عَن بشر بن الْمفضل عَنهُ، وَوَقع عِنْد السَّرخسِيّ فِي رِوَايَة عبد الرَّزَّاق وَفِي رِوَايَة عبد الْوَاحِد فِي الْمَوْضِعَيْنِ: فِي كل مَال، وللباقين: فِي كل مَا لم يقسم، فِي رِوَايَة عبد الْوَاحِد، و: كل مَال، فِي رِوَايَة عبد الرَّزَّاق، وَقَالَ الْكرْمَانِي: مَا الْفرق بَين هَذِه الأساليب الثَّلَاثَة؟ قلت: الْمُتَابَعَة هِيَ أَن يروي الرَّاوِي الآخر الحَدِيث بِعَيْنِه، وَالرِّوَايَة أَعم مِنْهَا، وَالْقَوْل إِنَّمَا يسْتَعْمل عِنْد السماع على سَبِيل المذاكرة. انْتهى. قلت: هَذِه فَائِدَة جليلة وَأَرَادَ بالأساليب الثَّلَاثَة قَوْله: تَابعه، وَقَوله: قَالَ عبد الرَّزَّاق، وَقَوله: رَوَاهُ عبد الرَّحْمَن.