فهين عَلَيْك أَن تشفي من كَانَت هَذِه نشأته. وَقَالَ النَّوَوِيّ: قيل المُرَاد بأرضنا أَرض الْمَدِينَة خَاصَّة لبركتها، وبعضنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لشرف رِيقه، فَيكون ذَلِك مَخْصُوصًا، وَفِيه نظر لَا يخفى. قَوْله: (يشفي سقيمنا) على بِنَاء الْمَجْهُول، وسقيمنا مَرْفُوع، بِهِ ويروى: يشفي بِهِ سقيمنا، ويروى يشفي سقيمنا، على بِنَاء الْفَاعِل فَاعله مُقَدّر، وسقيمنا بِالنّصب على المفعولية.
٥٧٤٦ - حدّثني صَدَقَةُ بنُ الفَضْلِ أخبرَنا ابنُ عُيَيْنَةَ عنْ عبْدِ ربِّهِ بنِ سَعيدٍ عنْ عَمْرَةَ عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: كانَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ فِي الرُّقْيَةِ: بسْمِ الله تُرْبَةُ أرْضِنا ورِيقَةُ بَعْضِنا يُشْفَى سَقِيمُنا بإِِذْنِ رَبِّنا. (انْظُر الحَدِيث: ٥٧٤٥) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَهَذَا طَرِيق آخر أخرجه عَن صَدَقَة عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة إِلَى آخِره.
٣٩ - (بابُ النفْثِ فِي الرُّقْيَةِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان جَوَاز النفث بِفَتْح النُّون وَسُكُون الْفَاء وبالثاء الْمُثَلَّثَة فِي الرّقية، وَفِيه رد على من كره النفث فِيهَا كالأسود ابْن يزِيد التَّابِعِيّ، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ عَن قريب.
٥٧٤٧ - حدّثنا خالِدُ بنُ مَخْلَدٍ حَدثنَا سُليْمانُ عَنْ يَحْيَى بنِ سَعيدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلمَةَ، قَالَ: سَمِعتُ أَبَا قَتادَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ: الرُّؤْيا من الله والْحُلُمُ مِنَ الشيْطانِ، فإِذَا رأى أحَدُكُمْ شَيْئاً يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفِثْ حِينَ يَسْتَيْقِظُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ويَتَعَوَّذْ مِنْ شَرِّها، فإِِنَّها لَا تضُرُّهُ: وَقَالَ أبُو سَلَمَةَ: فإنْ كُنْتُ لأرَى الرُّويا أثْقَلَ عَليَّ منَ الجَبَلِ، فَما هُوَ إلَاّ أنْ سَمِعْتُ هاذَا الحَدِيثَ فَما أُُبالِيها.
قَالَ بَعضهم. قَوْله: (فلينفث) هُوَ المُرَاد من الحَدِيث الْمَذْكُور فِي هَذِه التَّرْجَمَة. قلت: التَّرْجَمَة فِي النفث فِي الرّقية، وَفِي الحَدِيث: النفث فِي الرُّؤْيَا، فَلَا مُطَابقَة إلَاّ فِي مُجَرّد ذكر النفث، وَلَكِن النفث إِذا كَانَ مَشْرُوعا فِي هَذَا الْموضع، يكون مَشْرُوعا فِي غير هَذَا الْموضع أَيْضا قِيَاسا عَلَيْهِ، وَبِهَذَا يحصل التطابق بَين التَّرْجَمَة والْحَدِيث، وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: مَا وَجه تعلقه بالترجمة إِذْ لَيْسَ فِيهِ ذكر الرّقية؟ قلت التَّعَوُّذ هُوَ الرّقية انْتهى. قلت: هَذَا أَيْضا مثل كَلَام الْبَعْض الْمَذْكُور، وَلَيْسَ فِيمَا قَالَاه مَا يشفي العليل، وَلَا مَا يروي الغليل، وَالْوَجْه مَا ذَكرْنَاهُ.
قَوْله: (حَدثنَا خَالِد) ويروى: حَدثنِي خَالِد بن مخلد بِفَتْح الْمِيم، وَسليمَان هُوَ ابْن بِلَال، وَيحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ، وَأَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، وَأَبُو قَتَادَة الْحَارِث بن ربعي الْأنْصَارِيّ، وَقيل غير ذَلِك.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّعْبِير عَن أَحْمد بن يُونُس وَغَيره. وَأخرجه مُسلم فِي الرُّؤْيَا عَن عمر والناقد وَغَيره. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن عبد الله بن مُحَمَّد النُّفَيْلِي. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الرُّؤْيَا عَن قُتَيْبَة بِهِ. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن قُتَيْبَة وَعَن آخَرين. وَأخرجه ابْن ماجة فِي الدِّيات عَن مُحَمَّد بن رمح بِهِ.
قَوْله: (الرُّؤْيَا) أَي: الصَّالِحَة من الله، يَعْنِي: بِشَارَة من الله يبشر بهَا عَبده ليحسن بِهِ ظَنّه وَيكثر عَلَيْهَا شكره. قَوْله: (والحلم) بِضَم اللَّام وسكونها أَي: الرُّؤْيَا الْمَكْرُوهَة هِيَ الَّتِي يريها الشَّيْطَان الْإِنْسَان ليحزنه فيسوء ظَنّه بربه، ويقل حَظه من الشُّكْر، فَلذَلِك أمره أَن ينفث أَي: يبصق من جِهَة شِمَاله ثَلَاث مَرَّات، ويتعوذ من شَره كَأَنَّهُ يقْصد بِهِ طرد الشَّيْطَان وتحقيره، واستقذاره. قَوْله: (ويتعوذ) بِالْجَزْمِ قَوْله: (وَقَالَ أَبُو سَلمَة) مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور. قَوْله: (فَإِن كنت) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: إِن كنت بِدُونِ الْفَاء. قَوْله: (أثقل عَليّ من الْجَبَل) أَي: لأجل مَا كَانَ يتَوَقَّع من شَرها. قَوْله: (فَمَا هُوَ إلَاّ أَن سَمِعت) أَي: مَا الشَّأْن إلَاّ سَمَاعي، وَقَالَ الْمَازرِيّ: حَقِيقَة الرُّؤْيَا أَن الله تَعَالَى يخلق فِي قلب النَّائِم اعتقادات، فَإِن كَانَ ذَلِك الِاعْتِقَاد عَلامَة على الْخَيْر كَانَ خلقه بِغَيْر حَضْرَة الشَّيْطَان، وَإِن كَانَ على الشَّرّ فَهُوَ بِحَضْرَتِهِ، فنسب إِلَى الشَّيْطَان مجَازًا إِذْ لَا فعل لَهُ حَقِيقَة، إِذْ الْكل خلق الله تَعَالَى، وَقيل: أضيفت المحبوبة إِلَى الله تَعَالَى إِضَافَة تشريف بِخِلَاف الْمَكْرُوهَة وَإِن كَانَا بِخلق الله تَعَالَى.
٥٧٤٨ - حدّثنا عبدَ العَزِيزِ بنُ عبْدِ الله الأُوَيْسِيُّ، حَدثنَا سُليْمانُ عنْ يُونُسَ عنِ ابنِ شِهاب