رَسُول الله فَإِذا أَصبَحت فاتبعني. قَوْله: (أُدخل حَيْثُ أَدخل) ، أَمر، وأَدخل مضارع. قَوْله: (قُمْت إِلَى الْحَائِط كَأَنِّي أصلح نَعْلي وامضِ أنْتَ) ، وَفِي رِوَايَة مُسلم، فَإِنِّي إِن رَأَيْت شَيْئا أَخَاف عَلَيْك قُمْت كَأَنِّي أريق المَاء. فَإِن مضيت فاتبعني حَتَّى تدخل مدخلي. قَوْله: (فَمضى) ، أَي: عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. (فمضيت مَعَه حَتَّى دخل) أَي: عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. قَوْله: (بَين ظُهُورهمْ) ، وَفِي رِوَايَة مُسلم: بَين ظهرانيهم. قَوْله: (وقريش) فِيهِ حَال أَي: فِي الْمَسْجِد. قَوْله: (إِلَى هَذَا الصابىء) من صَبأ يصبؤ إِذا انْتقل من شَيْء إِلَى شَيْء وَكَانُوا يسمون من أسلم صابئاً. قَوْله: (فَضربت) ، على صِيغَة الْمَجْهُول قَوْله: (لأموت) أَي: لِأَن أَمُوت، يَعْنِي: ضربوه ضرب الْمَوْت، وَفِي رِوَايَة مُسلم: فضربوه حَتَّى اضجعوه. قَوْله: (فأكب عَليّ) أَي: رمى نَفسه عَليّ، قَوْله: (فأقلعوا) أَي: كفوا عني.
وَفِي الحَدِيث: دلَالَة على تقدم إِسْلَام أبي ذَر، وَلَكِن الظَّاهِر أَنه بعد الْبَعْث بِمدَّة طَوِيلَة لما فِيهِ من الْحِكَايَة عَن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، من مخاطبته لأبي ذَر وتضيفه إِيَّاه، وَالأَصَح أَن سنه حِين الْبَعْث كَانَ عشر سِنِين، وَقيل: أقل من ذَلِك، فَظهر من ذَلِك أَن إِسْلَام أبي ذَر بعد الْبَعْث بِمدَّة بِأَكْثَرَ من سنتَيْن بِحَيْثُ يتهيأ لعَلي مَا فعله، وروى عبد الله بن الصَّامِت إِسْلَام أبي ذَر عَن نفس أبي ذَر، أخرجه مُسلم مطولا جدا، وَفِيه مُغَايرَة كَثِيرَة لسياق ابْن عَبَّاس، وَلَكِن الْجمع بَينهمَا مُمكن بِاعْتِبَار ان ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، اقْتصر فِي حكايته عَن ذَلِك، وَالله أعلم.
٧ - (بابُ ذِكْرِ قَحْطانَ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان ذكر قحطان مُجَردا عَن الْكَلَام فِيهِ: هَل هُوَ من ذُرِّيَّة إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أم لَا؟ وَعَن ذكر نسبه، وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ فِيمَا مضى عَن قريب.
٧١٥٣ - حدَّثنا عبْدُ العَزِيزِ بنُ عَبْدِ الله قَالَ حدَّثنِي سُلَيْمَانُ بنُ بِلَالٍ عنْ ثَوْرِ بنِ زَيْدٍ عنْ أبي الغَيْثِ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يَخْرُجَ رَجُلٌ مِنْ قَحْطَانَ يَسُوقُ النَّاسَ بِعَصَاهُ. (الحَدِيث ٧١٥٣ طرفه فِي: ٧١١٧) .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي ذكر اسْم قحطان، وثور بِلَفْظ الْحَيَوَان الْمَعْرُوف ابْن زيد الديلِي الْمدنِي، مر فِي الْجُمُعَة، وَأَبُو الْغَيْث. وَهُوَ الْمَطَر اسْمه سَالم مولى عبد الله بن مُطِيع الْأسود الْقرشِي الْعَدوي الْمدنِي.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْفِتَن عَن عبد الْعَزِيز أَيْضا. وَأخرجه مُسلم فِي الْفِتَن عَن قُتَيْبَة.
قَوْله: (رجل) لم يدر اسْمه عِنْد الْأَكْثَرين، لَكِن الْقُرْطُبِيّ جزم أَنه: جَهْجَاه، الَّذِي وَقع ذكره فِي (صَحِيح مُسلم) من طَرِيق آخر عَن أبي هُرَيْرَة بِلَفْظ: (لَا تذْهب الْأَيَّام والليالي حَتَّى يملك رجل يُقَال لَهُ: الجهجاه، وَأخرجه عقيب حَدِيث القحطاني. قَوْله: (يَسُوق النَّاس بعصاه) كِنَايَة عَن تسخير النَّاس واسترعائهم كسوق الرَّاعِي الْغنم بعصاه، وَفِي (التَّوْضِيح) : حَدِيث القحطان يدل على أَنه خَليفَة وَلكنه يحمل على تغلبه، وروى نعيم بن حَمَّاد فِي (الْفِتَن) : عَن أَرْطَأَة بن الْمُنْذر، أحد التَّابِعين من أهل الشَّام: أَن القحطاني يخرج بعد الْمهْدي ويسير على سيرة الْمهْدي، وَأخرج أَيْضا من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن قيس بن جَابر الصَّدَفِي عَن أَبِيه عَن جده مَرْفُوعا: يكون بعد الْمهْدي القحطاني، وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ مَا هُوَ دونه. قيل: هَذَا الثَّانِي، مَعَ كَونه مَرْفُوعا، ضَعِيف الْإِسْنَاد، وَالْأول مَعَ كَونه مَوْقُوفا أصلح إِسْنَادًا مِنْهُ فَإِن ثَبت ذَلِك فَهُوَ فِي زمن عِيسَى ابْن مَرْيَم، عَلَيْهِمَا السَّلَام، لِأَن عِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَام، إِذا نزل يجد الْمهْدي إِمَام الْمُسلمين. انْتهى. قلت: إِذا كَانَ القحطاني فِي زمن عِيسَى، كَيفَ يَسُوق النَّاس بعصاه وَكَيف يملك مَعَ وجود عِيسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام؟ على أَن فِي رِوَايَة أَرْطَأَة ابْن الْمُنْذر: أَن القحطاني يعِيش فِي الْملك عشْرين سنة.
٨ - (بابُ مَا يُنْهَى عنْ دَعْوَى الجاهِلِيَّةِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان ذمّ مَا ينْهَى من دَعْوَى الْجَاهِلِيَّة، وَكلمَة: مَا، يجوز أَن تكون مَوْصُولَة، وَيجوز أَن تكون مَصْدَرِيَّة، وَينْهى على صِيغَة الْمَجْهُول، وَدَعوى الْجَاهِلِيَّة هِيَ الاستغاثة عِنْد إِرَادَة الْحَرْب، كَانُوا يَقُولُونَ: يَا آل فلَان، يَا آل فلَان، فيجتمعون وينصرون الْقَاتِل وَلَو كَانَ ظَالِما، فجَاء الْإِسْلَام بِالنَّهْي عَن ذَلِك.